مصطفى بلمهدي:رئيس حركة الدعوة والتغيير
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله..
الإخوة والأخوات أعضاء وقيادات حركة الدعوة والتغيير تحية طيبة وبعد..
فقد أمر الله محمد صلى الله عليه وسلم وهو قدوتنا جميعا أن يستعد لثقل
الأعباء وتكاليف القول الثقيل والأمانة المشفق من حملها بالقيام لله آناء
الليل وأوقات السحر وأن يحيط القيام بالإنذار بهجران الرجز وطهارة الثوب
والصبر لله والتذلل بين يدي الله عز وجل، قال تعالى
يا
أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ،
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ، وَلَا تَمْنُن
تَسْتَكْثِرُ، وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا
الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ
مِنْهُ قَلِيلاً، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً،
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ
هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً، إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ
سَبْحاً طَوِيلاً، وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ
تَبْتِيلاً).
وإني أوصيكم ونفسي وأنتم تتداعون لإعادة
التأسيس لبناء حركتكم على التقوى وبالبصيرة أن تلجأوا إلى الله وتخلصوا له
وتتجردوا في أعمالكم من كل الشوائب والأغراض والحظوظ الدنيوية وأن تنصبوا
غايتكم أمامكم في طريق مستقيم على هدى حتى لا تتفرق بكم السبل.
أيها الإخوان والأخوات،
إن
المرحلة تتطلب منكم اليوم قبل الغد أن تركنوا إلى ركن الفهم السليم الذي
يقوم العمل وركن التربية والتكوين لأنفسكم ولبعضكم البعض، وأن تهبوا إلى
المجتمع بدعوتكم لأن الناس أحوج ما تكون إلى قيم الدعوة والتدين والضمأ
الأخلاقي في حاجة إلى ماء الدعوة الطهور.
أيها الإخوان والأخوات،
إنكم
أصحاب منهج، وإن انتظاركم الأخير وصبركم الكبير كان عربونا كبيرا على
إيثاركم الآخرة على الدنيا، والحق على الخلق، والمنهج على الهيكل، ولذلك
فإنكم اليوم تقفون معلمين لأنكم أنتم من صنع التنازل عند التنازع، وعالج
المطامع بالترك، ولستم أبدا في حاجة إلى تنازل مرهون بالمناصب إذ لا يفكر
فيها إلا من رهن نفسه في المطامع والمواقع.
ولقد علت هذه الأيام أصوات
ترفع موضوع التنازل حجة على الناس وهي أشبه برفع المصاحف على الرماح في
صفين وقد يكون فينا سماعون لهم لا قدر الله.
والطريق لا يخلو من إرجاف
واهتزاز وتردد ولكنكم رواحل الحق التي لا يعيبها المسير، بل تزداد بالشوق
إلى بلوغ الغاية قوة وعزما وتنهض همتها فتتضافر جهودها لتصنع سدّا منيعا
في وجه التردد والإرجاف وسلسلة ذهبية متماسكة عصية عن التفكيك متكافلة
ومتعاونة وكل منكم يتمثل قول الله تعالى
حَرِيصٌ عَلَيْكُم) التوبة128.
وكما
يعمد بعض الملفقين الإعلاميين إلى رص كلمات وإخراجها عن سياقها ونسبها إلى
المرجعية لنشر الأغاليط ودعم سلوكهم الخاطئ ولنا كامل الثقة في فطنة
إخواننا وأخواتنا وفهمهم الواعي والأيام القادمة ستكشف ما تطمئن به نفوسكم
وترتاح إليه صفوفكم.
أيها الإخوان والأخوات،إن للتفكر فترات وللعزم فترة وموقف ووضوح وصبر وإن الإخوان ليس من شيمهم التردد أبدا، (
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ)
آل عمران159. ولقد كانت لنا مراحل للتفكر، وأخرى للانتظار وكلها للتشاور
إلى أن جاءت أوضاع أصبح واجب الوقت فيها أن نمضي قدما بعد استشارة أنارت
الطريق واستخارة زادتنا اليقين في السير بميراث النحناح إلى بلوغ الغاية،
وإيثار المنهج على المكسب وهو الفاصل المميز بيننا وبين غيـرنا.
واليوم أنتم تباشرون الهيكلة بعد المحاورة والمشاورة، لا تنشغلوا كثيرا بقيل وقال وكثرة السؤال لأنكم قوم عمليون.
أيها الإخوان والأخوات،لقد
ظهرت في الساحة صيحة سمعتم بها عبر الصحف والجرائد ولم تتلق حركتكم بها
خبرا إلا كما تلقاها عموم المواطنين، بل لم تسمّكم باسمكم "حركة الدعوة
والتغيير" رغم أنكم مقصودون بالحديث، وقد يكون ذلك استهانة من أصحاب
الصيحة بكم، والأيام كفيلة إن أخلصتم النية وواصلتم العمل وأعليتم الحب في
الله أن تجيب هؤلاء وأولئك بأنكم أهل الدعوة الذين إن لم يحفظ لهم أصدقاء
الأمس أقدارهم فالله خير حافظا لأقدارهم، وكم استخف أقوام بساقي ابن مسعود
وهي عند الله أثقل من جبل أحد.
وإن الصلح في مذهبنا محبب ومقبول ولذلك
فقد استنفذنا له كل الأسباب واستنفذ شيوخنا وعلماؤنا له الأسباب أيضا ولكن
لا جواب ولا رجع صدى بل حيلة وتملص. ولذلك فإن الصلح والإصلاح الآن يكون
ببناء الصف الرباني الواحد الذي ينهض بأعباء وتكاليف الدعوة المتكاملة
ويتميز بالتجرد لها والاجتماع عليها وموالاة من والاها، وقد تميزت
الولاءات ووضحت المرجعيات وأبواب الجميع مفتوحة سواء في حركة الدعوة
والتغيير أو في غيرها وعلى كل من رأى في نفسه نفعا للدين والأمة من أي
موقع من المواقع كان أن يلتحق بأصحابه، ولكن ليس في حركة الدعوة والتغيير
من مكسب إلا الحب في الله وليس من مطمع إلا مرضاة الله وليس من وعد إلا
بالأجر، ولكن الذين يقفون في وسط الطريق لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء
سيكونون عناصر تشويش على الجميع ولا نحب لأحد أن يكون فيها خصوصا وأن
الإعلان عن الإمساك عن هذه الوساطات التوفيقية كان واضحا في القرار الأخير.
ولكن
الذي نحذر منه ذلك التدليس الإعلامي الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام التي
أصبحت ليس لها من ديدن إلا التلذذ بالتشويش على أصحاب القلوب الضعيفة
وزيادة الحيرة للمحتارين أو تمارسه بعض الجهات في حق الأفراد، وقد اتصلنا
بعدد كبير يتجاوز الثلاثين (30) شخصا ممن وردت أسماؤهم في النداء وهم
يدينون الطريقة التي أقحمت بها أسماؤهم في مثل هذا الموقف.
وإن أناسا
ممن وردت إمضاءاتهم في الإعلان لا علاقة لهم الآن بالحركة أصلا ومع ذلك
سمحوا لأنفسهم أن يعطوكم الدروس في الوحدة وجمع الكلمة والصف وبعضهم تخلى
عن الحركة في وقت كانت بحاجة إلى كل أبنائها.
ومع ذلك نقول: سامح الله
الجميع ووفق الله كل من يريد خيرا بهذه الدعوة واختلفنا معه اليوم لعلنا
نلتقي معه غدا في رحاب العمل الإسلامي.
أيها الإخوان والأخوات،
إن واجبنا الآن هو التفاتتان:1-
التفاتة نحو النفس لتزكيتها فتنصب للعبادة بعد كل فراغ من عبادة أخرى
وترغب إلى الله، وكلما كانت النفس زاكية كانت أقدر على تحمل وارد الجماعة
والدعوة وأقدر على الالتزام به والاستقامة عليه كما أمر الله.
2-
التفاتة نحو الناس، فالناس يلتقون حولنا ويأملون في دعوتنا الخير خصوصا
بعد انطلاق عملية تنصيب الهياكل المستوعبة لكم ولغيركم والبدء في تنظيم
الأسر والعمل التربوي الجاد والصادق وقد فقدت الساحة خطاب الدعاة وحسن
قولهم وصدق تمثلهم لمبادئهم، فاعملوا على أن تعيدوا للناس الأمل في رؤية
الدعوة وإنجاز مشاريعها وإحياء الربانية بين ظهرانيهم، وتقديم النفع للناس
من خلال اليد الحانية والقلب الرحيم والمنتخب المحلي والبرلماني الذي يعيش
مع هموم شعبه ساعيا في الخير من أجلهم واقفا الموقف الذي يرضي الله قبل كل
شيء.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.