الأنانية وحُب الذات

سوف نتحّدث اليوم عن الأنانية والحُب الجَم للنفس هذه الخصلة المذمومة في الإنسان والتي لها دورٌ سلبيٌ بارز في المُجتمع ويجب علينا التكاتف للقضاء على هذه الخصلة التي تسبب العداء بين الناس ويجب علينا أن نرّبي الجيل الصاعد من أبنائنا على البُعد عن الأنانية وما نحبه لأنفسنا يجب أن نحُبه لغيرنا من نعومة ألأظافر وسوف نضع لهذا الموضوع ثلاثة أسئلة يجب الإيجابية عليها ولو بشكل ٍ موجز وهم ما هي الأنانية؟ وما هي أسبابها؟ وما هي طرق علاجها؟

ما هي الأنانية؟

الأنانية هي الفردية الشرسة و حُب التمّلك والغيرة الجنونية التي تدفعُ الإنسان إلى إرادة السيطرة على أملاك الغير بدون حق، فيدرج من الأنانية أشياءٌ كثيرة منها حُب الاتكالية والاعتماد على الغير وإراحة النفس والصُعود على أكتاف وظهور الآخرين بضمير ٍ ميت وبدون مُبالاة، والأنانية أيضاً هي رغبة ٌ ذاتية للاستحواذ على حاجات الغير وتريده فقط لنفسها وتحرّمه على غيرها فمثلا ً تجد بعضُ الدول همُها الاستيلاء على خيرات الدول الفقيرة بدون حق ولا نعرف على أي أساس وتريدُ أن تحلل لنفسها كل شيء وتمنعه على غيرها فهذه أنانية ٌ مؤكدة ، و يندرج من الأنانية أيضاً الغرور والتكبّر فالشخص الأناني يرى كل من حولهُ خدم ٌ وعبيد ٌ عنده وحُبه لذاته لا يفوقهُ حُب أي شيء قال الإمام علي ( عليه السلام ) [ عجبتُ للمُتكبر الذي كان بالأمس نطفة ً ويكونُ غداً جيفة ]،

والأنانية أيضاً هي إتباع ُ الأهواء الشيطانية بضر الآخرين والانتفاع الشخصي، والأنانية هي حُب النفس لدرجةٍ جُنونية التي تصطحبها الشهوات واللذات والخيلاء وقلة الإيمان وعدم الشعور بالآخرين، والأنانية تجّر الإنسان إلى الفساد ونحن نجد الفساد في العالم كيف توسعت آفاقه ؟ كل ذلك بسبب الأنانية فصار القوي يأكل الضعيف بل يريد القضاء عليه والسبب العنجهية والأنانية فنحن نرى كيف كان الطاغية الدكتاتور صدام حسين أناني لدرجة كبيرة ؟ وكيف كان يقتل العلماء ؟ وحُبه للسلطة وللقتل وهذا يعودُ لأنانيته وحُبه للعظمة لأن العظمة أحد الأمراض النفسية المُندرجة من الأنانية، والأنانية هي حُب المالُ والجاهُ والسُلطة والصُعود على الكراسي بأعلى المراكز بغير حق وكلُ هذا يعودُ لحُب النفس، والأنانية هي أيضاً ملء ٌ للبُطون وجمع الثروات الطائلة بدون عناء ٍ وترك العناء للغير، و يندرج من الأنانية أيضاً الحَسد قال الإمام علي ( عليه السلام ) [ رأسُ الرذائل الحَسد ] وحُب التسّلط الشخصي فالأناني إنسان لا يقبلُ النصيحة والإرشاد من أحد لأنهُ يجد نفسه أفضلُ من كل الناس ولا أحدٍ مثلهُ في الكون فكيف يستمع للنصح؟ قال الإمام علي ( عليه السلام ) [ من أستبّد برأيه هلك ]،

والأنانية أيضاً هي تمّتع وترّفه النفس على حِساب الآخرين وعدم حُب الخير لأحد، ويندرج من الأنانية أيضاً الكره فمثلا ً الإنسان الفاشل في الدراسة وألاناني في نفس الوقت ومفطورٌ على هذه الصفة وعندما يرى غيره متفوقٌ يصاب بالغيرة الجنونية التي تدفعه للحسد والكره والحقد قال الإمام علي ( علي السلام ) [ رأس العيوب الحقد ] لأنه لا يريد أن يرى أحداً أفضل منه ومثلا ً عندما تغار المرأة على زوجها غيرة جنونية حتى من أهله سوف تتحوّل إلى أنانية وحبٍ للتملك، والأنانية أيضاً هي حب النفس المطلق بالتجرّد عن الضرر الذي سوف يقع للآخرين والتبرؤ منه سواءاً كان مادياً أو نفسياً أو جسدياً فالأناني غير مبالي ٍ بأحد همُه نفسه، ويندرج من الأنانية أيضاً الطمع والجشع قال الإمام علي ( عليه السلام ) [ الطمعُ رقٌ مؤبد وثمرة ُ الطمع الشقاء ] ويندرج منها أيضاً الغيرة المُفرطة فمثلا ً الطفل الغيور الكثير الحب لوالديه ولا يريد احد مشاركته فيهم فنجده عندما يولد له أخاً بعدها تبدأ الغيرة في نفسه فنجده في بعض الأحيان يضرب أخاه بدافع الغيرة وهي غريزة في الطفل ولكن يجب على والديه تعويدهُ وتعليمه علي الحُب وعدم الأنانية، والأنانية أيضاً هي الاحتِكار قال الإمــــام علي ( عليه السلام ) [ الإيثار فضيلة والاحتكار رذيلة ] وأن الأناني لا يجُبُ الاعتراف بالخطأ ويظن نفسه دائمُ الصواب ومن المعصومين عن الزلة وهو يجهل بأن الاعتراف بالخطأ دليلٌ على احترام عقول الناس ولأن الأناني ليس لديه مُحرمات بل يُحلل لنفسِه كل شي ما دامت مصلحتهُ موجودة، والأنانية هي مرضٌ نفسي يحتاج للعلاج وهي أكبر سببٌ لأداء المُحرمات والأخطاء الشنيعة كما قيل ( حُب النفس رأسُ كلُ خطيئة )،

والأنانية هي داءٌ مدّمر لصاحبه فالأناني لا يُحبُ أحداً مشاركتهُ أي شيء بل يُحبُ أن يرى غيره يشقى وهو يرتاح ويُحب مصلحته ُ في بعض الأحيان أكثر من أبنه ومصلحتهُ فوق كل مصلحة، والأنانية مـــــــشتقة من [ الأنا ] والغرور وغالباً يكون الأناني شخصٌ غيرُ مريح وغيرُ مرغوب ٍ فيه في أي مكان وخاصة ً في الأوساط الاجتماعية والعائلية فمثلا ً لنضرب مثال الأب الأناني عندما يرّفه نفسه ويُمتعها على حِساب عائلته ويتناول ويتلذذ بأفضل الأطعمة ويترك لعائلته بقايا طعامه باعتباره هو السيّد والآمر في المنزل ومنزلتهُ في نظره الأعلى والشخص الذي يكثر الأسفار ولنزه ويتمتع نفسه بالأجواء الهادئة و بالنقاهة ويترك عائلته بدون ذلك فهذه هي الأنانية في الواقع وعدم عدل ٍ وإنصاف قال الإمــام علي ( عليه السلام ) [ صلاحُ الرعية العدل ]، إن الأنانية هي من فخ الشيطان ومن مكائد النفس الأمارة بالسوء لأن أخطر شر في هذه الدنيا هو شرُ شيطان النفس لأن كل أعناقنا بيده قال الإمام علي ( عليه السلام ) [ ظلم نفسه من عصى الله وأطاع الشيطان ]،

والأنانية هي أساسُ كلُ بلاء ٍ يُصيبُ الإنسان ونحنُ لا ننكر أن لا أحد في هذه الدنيا لا يُجب نفسه ويسعى جاهداً لتحقق أهدافه ومآربه وُطموحه ولكن ليس بخصلة الأنانية والكره والمصلحة الفردية وعلى حساب المجتمع فالأناني شخصٌ مستقبل قليل الصُحبة آخذ ٌ وغير قابل للبذل والعطاء ويصعب التعامُل معه ورضاهُ من الصُعوبات فالأناني شخصٌ غير آبه بخراب البيوت وتفكك الأسَر والأمم ولا يُريد غيرهُ سعيد وغير مضّحي ويُبالغ في مدح نفسه وإظهار مهاراته وابتكاراته حتى لو بالكذب فالأناني تندرج منه عادة النفاق والبُخل والتمرّد والاستعباد والطغيان على الناس وليس منه رجاءاً للإيثار، والأنانية هي الأخذ والانتفاع بشكل ٍ واسع وعدم العطاء سواءاً كان عطاءً مادياً أو معنوياً قال أحدهم عن الأناني بأنه لا يهتم إذا احترقت كل بيوت جيرانه لأجل سلق بيضةٍ يأكلها ويهنئ بها فالأناني عادته نكرانُ الفضل والمعروف وعديمٌ للأحاسيس وإنسان ٌ مُجردٌ من الحياء وبين لنا ذلك رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عنـــــــدما قال [ أتدرون ما المفلس ] قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : [ إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل ما هذا، وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار] صدق الرسول الكريم.

ما هي أسباب الأنانية؟


سوف نتحدّث عن أسباب الأنانية بشكل ٍ موجز وبرؤوس أقلام فالأسباب التي تدفعُ الإنسان للأنانية كثيرة منها التربية الخاطئة من الأبوين للأبناء في الصغر وعدم توعيتهم على اجتناب الأحقاد والاستيلاء الفردي وغيرها ذلك قد يسبب الأنانية ولكن في بعض الأحيان يكون الوالدين هم مُصابون بالأنانية فهذه علة ٌ أكبر، الحرمان أيضاً سببٌ مهم و نحنُ نقول لا نريد كثرة الدلال للأبناء لأنها قد تفسدهم ولكن لا نريد أيضاً حرمانُهم ويجب أعطائهم متطلباتهم بشكل ٍ معقول وغير مُفرط وخاصة ً الأمور المادية كي لا يتوسع ذلك الحرمان والأنانية في الكبر، أيضاً كثرة العقاب على أتفهُ الأمور و السفاسِف هي ليست بالتربية السليمة لأنها قد تحوّل ذلك الناشئ لشخص أناني في كبره يتلذذ بعقاب الآخرين كما عُوقب في صِغره، أيضاً من الأسباب تحقير وكسر الشخصية والتقليل من الشأن والضرب خاصة ً أمام الآخرين والإحراج الغير مقبول والإهانة قد توّلد الأنانية والكره للغير، ومن الأسباب أيضاً تفضيل الأبوين أبن على ألآخر (أخوك أفضلُ مِنك بكذا وأنت لا تفهم وغيرها ) قد تدفعه لكره أخوه وتسيطر عليه الأنانية، ومن الأسباب أيضاً عندما يكون الإنسان صاحبة إعاقة أو داء ٍ مزمن أو عاهات ٍ جسدية محرجة إنها أيضاً يولد عند بعض الأشخاص الأنانية، ومن الأسباب أيضاً وفاة الوالدين مُبكراً ( اليتم ) أحد أسباب الأنانية المُندرجة من الحرمان العاطفي و الإحساس بالأبوة والأمومة، الفقر أيضاً أحد الأسباب البارزة في هذا الجانب وعدم قدرة ولاة الأمر على تفهم متطلبات الأفراد من الجيل الواعد هي سببٌ ودافع ٌ للأنانية أيضاً.

ما هي طرق علاج الأنانية؟

في نظري الأناني شخصٌ مريض يحتاج للعلاج ويريد من يقف معه للقضاء على الأنانية في ذاته فالمجتمع والأسرة لهم دورٌ كبيرٌ في ذلك لأن المولود في الواقع يتأثر بالعوامل المحيطة به فيجب تعليمه وتعويده من صغره على عدم الأنانية وأن يحُب لغيره ما يحبه لنفسه قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) [ حب لأخيك ما تحب لنفسك ]، ويجب علينا أن نصّفي أنفسنا من صفة الأنانية هذه الصفة المكروهة ونبتعد عن الرغبات النفسية لأنها منشأ الاختلافات وهي من أهواء النفس الشيطانية، والتعوّيد على حب التعاون والأعمال الجماعية والاختلاط والتقارب أيضاً له دور مهم ، والأنانية هي نتيجة تربية أسرية خاطئة فيجب على الأسرة مراجعة قراراتها للتخلص من هذه الآفة والسلوك الخاطئ، ويجب أن نقطع نبتة الأنانية المزروعة في أنفسنا ونزرع فيها المحبة قال الإمام علي ( عليه السلام ) [ ثمرة المحاسنة صلاح النفس ] بهذا القول المأثور للإمام سوف نختم موضوعنا الذي يدعو فيه إلى صلاح النفس وتطهيرها من الشرور.


منقول

باسم الله والصلاة على الهادي اما بعد:اذا كانت هذه الانانية فاين حب الذات ؟
وهل حب النفس هوالانانية؟ام حب النفس هو حب الذات؟
هناك فرق كبير بين حب النفس و الأنانية، على الرغم من أنّهما يبدوان متشابهين.
إنّ حبّ الذات بشكل صحي و صحيح أمر محبب و مقبول.
فالشخص الذي لا يحب نفسه لن يكون قادراً أبداً على أن يحب غيره.
إنّ أول موجة حب عليها أن تولد في داخلك أولاً ،في قلبك ، لأنّها إن لم تنشأ في داخلك و تنمو فكيف ستصل إلى الآخر.
حيث يمكن تشبيه الأمر برمي حصوة صغيرة في بحيرة ساكنة ، في البداية تبدأ التموجات بالنشوء حول الحصوة و من ثم تنتشر في كافة أرجاء البحيرة حتى تصل إلى الشاطئ.
كذلك بالنسبة لك على أول موجة أن تنشأ منك و تحيط بك ، عليك أن تحب جسدك، روحك ، و أن تحبّ كيانك ككل.
و هذا شيءٌ طبيعي ،و إلاّ فإنّك لن تستطيع أن تعيش و تنجو بحياتك.
وهو شيء جميل و لطيف لأنّه يجمّلك و يجعل منك شخصاً لطيفاً و عذباً.
الشخص الذي يحب نفسه يصبح هادئاً مسالماً ،متأمّلاً ،ورعاً على اتصال و وصال دائم بالله.
إذا كنت لا تحبّ بيتك ،فإنّك لن تعتني بنظافته ،و لن تزرع حوله حديقة مليئة بالأزهار الجميلة و الملوّنة و لن تعتني بها حتى،كذلك جسدك الذي في حال أحببته فإنّك ستعتني بجماله و نظافته و أناقته الدائمة.
و الآن إليك مفاجأة ألا و هي أنّك عندما تحب نفسك فإنّ الآخرين سيُحبونك أيضاً!
لا أحد يحب الشخص الذي يكره نفسه ،فاذا أنت لم تحب نفسك من سيفعل سواك؟ من سيحمل على عاتقه هذه المهمة؟
و بما أنّ الحياة تخلو من النظرة الحيادية للأمور ،هذا يعني بأنّك إن لم تحب نفسك فإنّك حتماً ستكرهها ، الحياة خيار إمّا الجنّة و إمّا النار،لذا لا تدّعي الحيادية فإمّا أن تحب نفسك و إمّا أن تكرهها..
الشخص الذي يكره نفسه لن يستطيع أن يحب شخصاً آخر ،فهو في حالة مستمرة من الغضب و الغليان..
صحيح تتعلم أن تحب نفسك لكن هذا لا يعني أن تصبح أنانياً أو مغروراً ،لأنّ هناك فرق بينهما و عكس ذلك هو الصحيح، فالشخص الذي يحب نفسه لن يبقى بداخله نفس ،لأنّ الحب يذيب النفس دائماً، و هذا أحد الأسرار المتعلّقة بكيمياء الحب و التي يجب أن تُعرف، تُفهم و تُختبر عملياً.
متى أحببت اختفت النفس و هذا ما تستطيع اختباره عندما تحب امرأة ما ،فإنّك في لحظات الحب الصادق القليلة معها ستفقد نفسك و أناك المتعجرفة،لأنّ الحب و الأنا لا يمكن أن يجتمعا معاً.
إنّهما كالضوء و العتمة ،متى ظهر الضوء تلاشت العتمة، كذلك متى وُلد الحب اختفت النفس...
الحب يُذيب النفس الباردة المتجمّدة . النفس كمكعب الثلج ، و الحب يشبه شمس الصباح الدافئة ، متى ظهر دفء الحب بدء ذوبان النفس.
كلما ازداد حبك لنفسك ، كلما تلاشت أناك أكثر فأكثر حتى يأتي يومٌ ما تبحث فيه عنها و لا تجدها ،فإنّك عندها و في هذه اللحظة ستكون قد وجدت الله و ذبت فيه.
حتماً أنّك تعرف هذا الشعور! لقد أحسسته يوماً، قد لا يكون بسبب حبك لنفسك و إنّما من خلال حبك للآخرين، اختبرته على شكل ومضات و لمحات خاطفة.
يجب أن تكون قد اختبرت لحظات نادرة و سريعة حيث فجأة لم تعد موجوداً ، وحده الحب كان حاضراً ، فقط طاقة الحب المتدفقة -النابعة و المتوجّهة من و إلى مكان غير معروف و غير مُحدّد -هي التي كانت هناك.
عندما يجلس حبيبان معاً ، فإنّ هناك اثنان من اللاشيء ، مجرّد صِفران مجتمعان ، و هذه هي روعة الحب التي تجعلك فارغ تماماً من النفس.
تذكّر بأن تفرّغ نفسك دائماً ،فرِّغها بالحب ، اغمرها بالحب تاركاً بذلك مجالاً و فراغاً في عالمك الداخلي ليسكنه الله ،لأنّ الله يستطيع أن يدخل فقط عندما يجد مكاناً يحتويه.
و بما أن الله ليس ضيفاً عادياً فإنّ المُضيف يجب أن يُهيّأ مكاناً برحابة و عظمة هذا الضيف ،أنت تدعو إليك الوجود بأكمله ،لذا فإنّك تحتاج إلى فراغ لا نهائي بداخلك ليستوعب هذا الوجود.
الحب هو الطريق الأمثل لتصبح لا شيء، و تذكّر دائماً بأنّ حب الذات غير الأنانية ،إنّهما متعاكسان لأنّ الشخص الغير قادر على أن يُحب نفسه يصبح أنانياً.
الأنانية هي ما يُسمّيها اللمُحلّلون النفسيون بالنرجسيّة.
لا بدّ و أنّك قد سمعت ب (نرسيس) ذلك الشهير الذي وقع في حبِّ نفسه، كان ينظر في بركة الماء الساكنة و يرى انعكاسه فيها، لقد وقع في حب صورته المنعكسة عن الماء.
و الآن لاحظ الفرق فالشخص الذي يحب نفسه يحبها ببساطة و لا يقع في حب انعكاسه، وهو ليس بحاجة إلى مرآة لتعكس له أي شيء لأنّه عرف نفسه من الداخل و من الأعماق..
هل تحتاج ككيان إلى مرآة لتثبت لك بأنّك موجود و حيّ؟ هل عدم وجود المرآة التي ستعكس صورتك سيجعلك تشكّ بوجودك؟!
نرسيس وقع في حب انعكاسه و ليس حب ذاته، و هذا لا ُيسمى حبّاً للنفس ،إنّه غير حقيقي لأنّ الانعكاس يُمثّل الآخر و قد وقع نرسيس في حب الآخر، لقد أصبح شخصان و حصل له نوع من الانفصال و الانفصام، انفصل إلى شخصان ليكون بذلك المحب و المحبوب، و هذا ما يحدث للعديد ممن يظنّون بأنّهم يعيشون الحب الحقيقي.
فعندما تقع في حب امرأة ما ،راقب و كن متنبّهاً لأنّك قد تكون في حالة النرجسية دون أن تعلم ،وجهها ،عيناها، كلماتها قد لا يكونون سوى تلك البحيرة الساكنة التي تُريك انعكاسك.
تسعة و تسعين بالمئة من حالات الحب هي عبارة عن نرجسية متخفيّة بقناع الحب ،فالرجال لا يحبون المرأة لشخصها أو شخصيتها بل يحبون فيها تقديرها لهم ،اهتمامها الملحوظ بهم ،كلمات الإطراء و المديح التي تغمرهم بها.
إليك هذه القصّة: كان يجلس شخصان على شاطئ البحر ،و كانت ليلة مقمرة أنار فيها البدر السماء ،و أمواج البحر تعلو و ترتفع مُحاولةً الوصول إلى القمر فقد كان وقت المدّ...
و مع هذا الجوّ الجميل صرخ الحبيب عالياً" أيّها البحر، اجعل أمواجك تعلو و تعلو حتى تصبح عظيمة الكِبر!" ، و فعلاً بدأت الأمواج تعلو و تتجه نحو الشاطئ ،مما جعل المحبوبة تقترب من حبيبها ، تحتضنه ، تُقبّله ، و تقول له :"كنت أعرف بأنّك معجزة و صانع للعجائب حتى البحر استجاب لأوامرك!".
نعم هذا ما يحدث في الواقع ،المرأة تمدح الرجل ، الرجل يمدح المرأة ، إنّها عبارة عن عملية تبادلية.
المرأة تقول :" ليس هناك رجل أجمل منك، خلقك الله و كسر القالب ،أنت معجزة حقيقية!-حتى فرعون و عظمته لا يساوي شيء مقارنةً بك!".
هذه الكلمات تجعل منك بالوناً منتخفاً يكفي أن تلمسه إبرة صغيرة حتى يعود إلى حجمه الطبيعي و الأصلي!
و الرجل يقول :"يا أحلى و أغلى ما خلق ربي ،خلقكِ الله و كسر القالب ،لن يشهد التاريخ قدوم امرأة بأهميتك ،حتى كليوبترا و سحرها لم تعد تساوي شيء مقارنةً بك!".
هذا ما ندعوه بالحب ،إنّه ليس أكثر من نرجسية ،ليس أكثر من إرضاء للأنا يتبادله الطرفان ،كل من الرجل و المرأة يعكس صورة الآخر ،و الأسوء أنّهما يعكِسانها بشكل مشوّه و مزيّف لأنّهما يعملان جاهداً مستخدمين آلاف الطرق ليجعلوها أكثر جمالاً و إبهاراً.
الحب الحقيقي لا يعرف شيئاً عن الأنا ،إنّه بريء منها ،لذا فإنّ الحب الصادق و الحقيقي هو حبك لنفسك و ليس لانعكاسها.
لقد وهبك الله جسداً و كياناً فلما لا تحبه ،لما لا تُدلّله ،تعتني به و تحتفل به؟! عندها لن تفكر مجدّداً بأناك ،لن يكون للكبرياء مكان داخلك ،لأنّك لن تُقارن نفسك بشخص آخر ،فالأنا تظهر فقط عندما يكون هناك مقارنة.
حب الذات لا يعرف المقارنة ،أنت هو أنت ،هذا كل ما في الأمر...لست تُنزل من قدر أي أحد ،و لا تسخر من أي أحد ،لأنّه لا يوجد مقارنة بالأساس.
اِعلم دائماً متى ظهرت المقارنة اختفى الحب ،المقارنة هي خدعة من خدع الأنا الكثيرة و لكن هذا ليس حباً.
الأنا تحيا و تتغذى على المقارنة ،لأنّك عندما تقول لامرأة:"أحبك" هذا شيء ، وعندما تقول لها :"كليوبترا ليست شيء مقارنة بك" فهذا شيء آخر بل هو نقيضه تماماً.
ما الذي أدخل كليوبترا في الحديث؟ ألا تستطيع أن تحب تلك المرأة من دون أن تأتي على ذِكر كليوبترا؟
أيضاً فرعون ما دخله بحبها لك؟
ليس لهما دخل بل هما مجرّد أدوات لزيادة حجم الأنا ،هذا كل ما في الأمر.
في حالة الحب الحقيقي ليس هناك انقسام ،بل اتحاد و سلام ،أمّا في حالة المقارنة يختفي الحب لتحلّ محله النرجسية المنفصمة الشخصية.
في الحب الحقيقي يوجد اندماج و ذوبان ،أزهار و ورود ،حدائق و عطر الريحان...
في الحب النرجسي يوجد شخصان ، رجل و امرأة ،حبيب و محبوبة ،بينما في الحب الحقيقي يوجد شخص واحد ،ليس هناك علاقة لأنّ العلاقة تحتاج شخصان كي تنشأ بينهما ، و هنا في حالة الحب الحقيقي يوجد فقط اندماج و ابتهاج...كِلا الحبيبين قد ذابا في بعضهما و كوّنا جسداً واحداً مُشِعّاً بالحب و النور.
الحب ظاهرة غريبة و عظيمة لا تستطيع النجاة فيها.
الحب الحقيقي دائماً يحدث في اللحظة الآن و هنا ،بينما الحب الأناني يوجد إمّا في الماضي أو المستقبل.
في الحب الحقيقي هناك برد و دفء ،يبدو الأمر تناقضيّاً ، لكن كل الحقائق العظيمة في الحياة تحمل تناقضاً ،لذا هو بارد و دافئ ،صحيح هو دافئ و لكنّه ليس حارّاً ، من دون شكّ هناك دفئ و لكن هناك برودة أيضاً ،هي حالة من البرودة و السلام بحيث يصبح كل شيء تمام التمام و على أفضل ما يُرام!.
الحب الحقيقي يجعل المناخ حولك و داخلك بارد إلى حدٍّ ما ،لكن غير مؤذي أو مزعج ،بينما الحب الأناني المُزيّف يجعلك تشعر بحرارة مرتفعة و سخونة لا تُطاق و كأنّك مُصاب بالحمّى.
إذا فهمت ما سبق ذِكره فإنّك ستحظى بمعيار ثابت تقيس عليه و من ثمّ تُصدر أحكامك ، ولكن عليك أن تبدء بنفسك أولاً ،من حالك الحالي و حالتك الراهنة.
أحبب نفسك ، أحببها بشدّة ،و في غمرة هذا الحب ،أناك وعجرفتك سوف تختفيان ،عندها حبك سيبدء بالوصول للآخرين ،و عندها لن يصبح علاقة بل مشاركة ،و لن يكون مجرّد علاقة مع جسد أو شيء آخر بل ذوبان مع الآخر و فيه.
سوف لن يكون حارّاً ، بل سيكون ثلجاً دافئاً ،سيجمع الدفء و البرد معاً ،و سوف يُذيقك أول طعمٍ للتناقض و التضاد في الحياة
المظفر به

مشكور أخي على مرورك لكن الموضوع لا يتحدث عن النفس المطمئنة بل على النفس الأمارة بالسوء
وجزاك الله خيرا ع التوضيع

السلام عليكم
الانانية هي الانا+النية .انما الاعمال بالنيات

جزاكم الله خيرا

السلام عليكم
قيل انه فيه واحد ارسل لصديقه رسالة يخبره بحال صحة اخيه الاكبر فقراها له احد وبدا بالقول ان اخاك اصيب بدوار ثم اصيب بوجع في الراس ثم بمرض معوي ثم اجريت له عمليةثم ثم.... فاوقفه السامع وقال له لما لا تقل لي انه مات وانتهى الامر هذا حال من رد على موضوع الانانية وحب الذات بانه يخص النفس المطمئنة .........
شكرا