عزالدين المدير العام
عدد الرسائل : 525 النقاط : 1006 التميز : 8 تاريخ التسجيل : 21/09/2008
| موضوع: تعريف بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله الأحد 24 مايو 2009 - 12:25 | |
| :بسم الله: ولد حسن البنا بمدينة المحمودية بمحافظة البحيرة في مصر عام1906ميلادية . كان ابوه أحمد عبد الرحمن البنا من العلماء العاملين ، اشتغل بعلوم السنة و له عدة مصنفات في الحديث الشريف أهمها كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الامام أحمد و كان الى هذا يحترف تجليد الكتب و إصلاح الساعات لذا لقب بالساعاتي .
نشأ حسن البنا في بيت علم و صلاح ، و تلقى علومه الأولية في مدرسة الرشاد الدينية ثم بالمدرسة الاعدادي بالمحمودية . بدأ اهتمامه في سن مبكر بالعمل الاسلامي المنظم بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الدعوة الى الله ، فانشا مع زملائه في الدراسة ((جمعية الخلاق الأدبية )) ثم ((جمعية منع المحرمات)) و تعرف على الطريقة الحصافية ، مما أصّل في نفسه معاني الزهد و الصفاء و التجرد.
انتقل الى دار المعلمين بدمنهور عام 1920 حيث أتم حفظ القران الكريم قيل اتمام الربعة عشرة من عمره ، و شارك في الحملة الوطنية ضد الاحتلال.
و في عام 1923 انتقل الى القاهرة حيث انتسب الى دار العلوم . و هناك تفتحت أمام حسن البنا أفاق جديدة واسعة ؛ فبالاضافة الى مجالس اخوان الطريقة الحصافية كان يرتاد المكتبة السلفية و مجالس العلماء الأزهرين ، و كان يحض الجميع على ضرورة العمل للاسلام بشتى الوسائل . و تبلورت معالم الدعوة الى الله في نفسه و شغلت عليه تفكيره ، فبدأ ينتقل مع عدد من زملائه داعيا الى الله في المجالس و المقاهي و المنتديات .
تخرج حسن البنا من دار العلوم عام1927 ، و كان ترتيبه الول ، و عين مدرسا بمدينة الاسماعيلية على قناة السويس ، فانتقل اليها و بدأ نهجا مدروسا في الدهوة ، فكان يتصل بالناس في المقاهي ثم ينتقل بهم الى المسجد باذلا جهده في تجاوز الخلافات التي كانت تسود المجتمع الاسلامي انذاك و استطاع أن يرسي دعائم دعوة اسلامية متميزة حيث تعاهد مع ستة نفر من اخوانه على تشكيل أول نواة لجماعة الاخوان المسلمين ، و كان ذلك في شهر ذي القعدة 1347 هجرية- اذار(مارس) 1928 ميلادية
تميزت دعوة الاخوان المسلمين من أول يوم بالعودة الى الاصالة الاسلامية بمصدريها : الكتاب و السنة ، متجاوزة الخلافات الجزئية و المذهبية . و كان الامام البنا يركز عللا ضرورة صب الجهود من أجل بناء جيل مؤمن يفهم الاسلام فهما صحيحا على انه دين و دولة ، و عبادة و جهاد ، و شريعة محكمة تنتظم حياة الناس جميعا في جوانبها كلها ، التربوية و الجتماعية و الاقتصادية و السياسية.
كانت الساحة الاسلامية في ذلك الوقت مقتصرة على تيارين رئيسين : الدعوة السلفية و الطرق الصوفية ، و كان الخلاف بينهما مستحكما و العداوة حادة ، و كان الفكر الاسلامي رهين أروقة الازهر و منظوماته و مصنفاته ، الا ما خلفته حركة جمال الدين الفغاني و محمد عبده و محمد رشيد رضا من اثار. لذلك كانت دعوة الامام البنا في العودة الى شمول الاسلام كل جوانب الحياة تجديدا رائدا في مجال التفكير الاسلامي. فبعد أن كان الكاتبون المسلمون يجدون عنتا في التدليل على ان الاسلام ليس ضد العلم و أنه يواكب الحضارة .. ابرزت حركة الاخوان المسلمين جيلا من الشباب المؤمن المثقف يستصغر الحضارة الغربية في جنب الاسلام ، و يعتقد انه (( لن تصدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة )) ، و قد استوعبت جماعة الاخوان المسلمين في صفوفها مختلف قطاعات الشعب و خاصة الشباب المثقف ، و أوقدت جذوة الاسلام في النفوس من جديد.
و نعود مع الامام البنا الى الاسماعيلية ، حيث بدأ بناء مؤسسات الجماعة، فأقام مسجدا و دارا للإخوان، ثم معهد حراء الإسلامي ، و مدرسة أمهات المؤمنين ، و بدأت الدعوة تنتشر في القرى و المدن المجاورة .
و في عام 1932 ينتقل الإمام حسن البنا الى القاهرة ، و باتقاله اليها ينتقل المركز العام للإخوان المسلمين ، و كان يقوم برحلات متتابعة الى الأقاليم يصحب فيها أخوانه الجدد يربيهم على خلق الدعوة و يؤهلهم للقيام بأعبائها ، و كان يتابع عمله هذا بدأب و تفان حتى انتشرت دعوة الإخوان في كل أنحاء القطر المصري.
أصدر الإمام البنا مجلة الإخوان المسلمين الاسبوعية ، ثم مجلة النذير و عددا من الرسائل و لم يفرغ – رحمه الله – للتأليف بل كان جل اهتمامه منصبا على التربية و نشر الدعوة و على تكوين جماعة ما تزال رائدة البعث الاسلامي في العالم كله .
حرص الإمام البنا على ألا تكون حركته اقليمية في اطار القطر المصري، بل كانت عالمية بعالمية الدعوة الاسلامية ، لذلك وجدناها تمتد في الأربعينيات لتشمل العالم العربي كله. و لتنطلق بعد ذلك في أقطار العالم الاسلامي مركزة علم الدعوة في كل مكان. و كان الإمام البنا يرسل المبعوثين الى أقطار العالم يتفقدون أحوال المسلمين و ينقلون الى القاهرة صورة عن اوضاع العالم الاسلامي. و كان المركز العام بالقاهرة ملتقى أحرار المسلمين في وقت كانت فيه معظم أقطار العالم الاسلامي رازحة تحت الاحتلال الاجنبي، فمن رجال حركات التحرير في شمال افريقيا الى احرار اليمن الى زعماء الهند وباكستان و اندونيسيا و افغانستان الى رجالات السودان و الصومال و سوريا و الاردن و العراق و فلسطين...
و كان للقضية الفلسطينية عناية خاصة بالقضية الفلسطينية. و كانت له نظرة ثاقبة في موضوع الخطر اليهودي و كان الاخوان المسلمون منذ بداية الثورات الفلسطينية عام 1936 هم دعاة التحذير و التحرير في العالم العربي. و لما دخلت الجيوش العربية فلسطين عام 1948 خاض الاخوان المسلمون الحرب في كتائب متطوعة عبر الجبهة الغربية من مصر و الشرقية من سوريا و أبلوا فيها أحسن البلاء.
بعد ذلك صدرت الأوامر من الدول الغربية الكبرى للحكومة المصرية بحل جماعة الاخوان المسلمون و اعتقال شبابها العائدين من القتال و ذلك بعد النكبة و توقيع الهدنة. و أبقي الامام وحده خارج السجن ليجري اغتياله من قبل زبانية فاروق في أحد شوارع القاهرة يوم 14 ربيع الثاني 1368 هجرية الموافق 12 فبراير 1949 ميلادية.
و لم تنته جماعة الاخوان المسلمين باغتيال مرشدها و اعتقال رجالها و اغلاق دورها بل خرجت من المحنة اشد و أصلب عودا لتخوض حربا اخرى ضد قوات الاحتلال البريطاني في قناة السويس عام 1951 مما استدعى ضربة اقوى عام 1954 و اخرى عام 1965.
و ما تزال حركة الامام البنا " الاخوان المسلمون " تمتد أفقا و عمقا لتغطي العالم كله و ليحتل فكرها الاسلامي الأصيل ساحة الصراع و اننا لنجد اليوم أن الافكر الاسلامي لكتاب الحركة قد فرض نفسه على كل التجمعات الاسلامية بشتى هوياتها، و اصبحت احقية الاسلام بالتطبيق في كل مجالات الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية من المسلمات التي تفرض نفسها حتى على اعداء الاسلام و تملأ نفوس تيار عريض من الاسلاميين في كل مكان تدفعهم للجهاد في سبيل اعلاء كلمة الله و اقامة حكم الله في الارض .
و اذا ما برزت في الساحة الاسلامية اليوم نظريات ترى تطوير العمل الاسلامي بأن تنصب الجهود على الدعوة و التربية دون العمل السياسي ، أو التركيز على العمل العسكري دون التربوي أو الدعوة الى احتراف العمل السياسي فقط ، فإن أيا من هذه الآراء يعتبر تخلفا في الفهم و التجربة تجاوزته حركة الاخوان المسلمين فالتصور الاسلامي الذي طرحه الامام البنا مبني على قواعد من الشمول و التوازن في بناء الشخصية الاسلامية و الحركة الاسلامية. فالبناء لا يكون اسلاميا الا اذا تمثلت عناصره الاسلام عقيدة و شريعة ، سلوكا و سياسة ، عبادة و حكما و جهادا في سبيل الله .
على هذه الأسس أقام الرسول صلى الله عليه و سلم البناء الاسلامي الأول و عليها اقام ، و عليها أقام الامام البنا جماعته ، و على نفس الأسس تتابع الحركة الاسلامية الطريق.
| |
|
عزالدين المدير العام
عدد الرسائل : 525 النقاط : 1006 التميز : 8 تاريخ التسجيل : 21/09/2008
| موضوع: رد: تعريف بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله الأحد 24 مايو 2009 - 12:28 | |
|
الألباني .. يتحدث عن قصته مع حسن البنا وسيد سابق ..
وكانت لي بعض [كلمة غير واضحة] الكتابية التحريرية، مع الأستاذ الشيخ حسن البنا –رحمه الله- ولعل بعضكم-بعض الحاضرين منكم- يذكر أنه حينما كانت مجلة (الإخوان المسلمون)، تصدر في القاهرة، وهي التي تصدر طبعاً عن جماعة الإخوان المسلمين، كان الأستاذ سيد سابق بدأ ينشر مقالات له في فقه السنّة، هذه المقالات التي أصبحت بعد ذلك كتاباً ينتفع فيه المسلمون الذين يتبنون نهجنا من السير في الفقه الإسلامي على الكتاب والسنة، هذه المقالات التي صارت فيما بعد كتاب(فقه السنة) لسيد سابق، كنتُ بدأت في الاطلاع عليها، وهي لمّا تُجمع في الكتاب، وبدت لي بعض الملاحظات، فكتبتُ إلى المجلة هذه الملاحظات، وطلبتُ منهم أن ينشروها فتفضلوا، وليس هذا فقط؛ بل جاءني كتاب تشجيع من الشيخ حسن البنا-رحمه الله-، وكم أنا آسَف أن هذا الكتاب ضاع مني ولا أدري أين بقي.. ثم نحن دائماً نتحدث بالنسبة لحسن البنا- رحمه الله- فأقول أمام إخواني،إخوانا السلفيين، وأمام جميع المسلمين، أقول: لو لم يكن للشيخ حسن البنا-رحمه الله- من الفضل على الشباب المسلم سوى أنه أخرجهم من دور الملاهي في السينمات ونحو ذلك والمقاهي، وكتّلهم وجمعهم على دعوة واحدة، ألا وهي دعوة الإسلام..لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلاً وشرفاً..هذا نقوله معتقدين، لا مرائين، ولا مداهنين.
الشيخ المحدث محمد بن ناصر الدين الألباني
عدل سابقا من قبل الشيخ في الأحد 24 مايو 2009 - 16:36 عدل 2 مرات | |
|
عزالدين المدير العام
عدد الرسائل : 525 النقاط : 1006 التميز : 8 تاريخ التسجيل : 21/09/2008
| موضوع: رد: تعريف بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله الأحد 24 مايو 2009 - 12:35 | |
| دعاة العصر يشهدون للإمام الشهيد حسن البنا --------------------
شهادة الشيخ الغزالي: الشهادةالأولى: من داعية عصره الأول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، الذي قال فيمقدمة كتابه (دستور الوحدة الثقافية) الذي شرح فيه (الأصول العشرين) لحسنالبنا قال الشيخ: (ملهم هذا الكتاب وصاحب موضوعه: الأستاذ الإمام حسنالبنا، الذي أصفه ويصفه معي كثيرون بأنه مجددالقرن الرابع عشر للهجرة، فقد وضع جملة مبادئ تجمع الشمل المتفرق، وتوضحالهدف الغائم، وتعود بالمسلمين إلي كتاب ربهم، وسنة نبيهم وتتناول ماعراهم خلال الماضي من أسباب العوج والاسترخاء، بيد آسية، وعين لماحة فلاتدع سببا لضعف أو خمول. ومنالخطأ القول بأن حسن البنا أول من رفع راية المقاومة في هذا القرن الذليل،لقد سبقه في الشرق العربي، والمغرب العربي، وأعماق الهند وإندونيسيا،وغيرها، رجال اشتبكوا مع الأعداء في ميادين الحرب والسياسة والتعليموالتربية، وأبلوا بلاء حسنا في خدمة دينهم وأمتهم. وليس يضيرهم أبدا أنهم انهزموا آخر الأمر، فقد أدوا واجبهم لله. وأتم من بعدهم بقية الشوط الذي هلكوا دونه. إن حسن البنا استفاد من تجارب القادة الذين سبقوه، وجمع الله في شخصه مواهب تفرقت في أناس كثيرين. كانمدمنا لتلاوة القرآن يتلوه بصوت رخيم، وكان يحسن تفسيره كأنه الطبري أوالقرطبي، وله قدرة ملحوظة على فهم أصعب المعاني ثم عرضها على الجماهير بأسلوب سهل قريب.
وهو لم يحمل عنوان التصوف، بل لقد أبعد من طريقة كانت تنتمي إليها بيئته.
ومع ذلك فإن أسلوبه في التربية وتعهد الأتباع وإشعاع مشاعر الحب في الله، كان يذكر بالحارث المحاسبي وأبى حامد الغزالي.
وقد درس السنة المطهرة على والده الذي أعاد ترتيب مسند أحمد بن حنبل، كما درس الفقه المذهبي باقتضاب، فأفاده ذلك بصرا سديدا بمنهج السلف والخلف.
ووقف حسن البنا على منهج محمد عبده وتلميذه صاحب المنار الشيخ محمد رشيد رضا، ووقع بينه وبين الأخير حوار مهذب، ومع إعجابه بالقدرة العلمية للشيخ رشيد، وإفادته منها، فقد أبى التورط فيما تورط فيه. "يقصد: تصديه بعنف للحملة على الأزهر وعلمائه المقلدين للمذاهب، وعلى الطرق الصوفية وغيرهم فوافق الشيخ البنا الشيخ رشيد في فكره وخالفه في أسلوبه وطريقته. (القرضاوي)"
ولعله كان أقدر الناس على رفع المستوى الفكري للجماهير مع لبقة من أسباب الخلاف ومظاهر التعصب.
وقد أحاط الأستاذ البنا بالتاريخ الإسلامي، وتتبع عوامل المد والجزر في مراحله المختلفة، وتعمق تعمقا شديدا في حاضر العالم الإسلامي، ومؤامرات الاحتلال الأجنبي ضده.
ثم في صمت غريب أخذ الرجل الصالح يتنقل في مدن مصر وقراها، وأظنه دخل ثلاثة آلاف من القرى الأربعة آلاف التي تكون القطر كله. وخلال عشرين عاما تقريبا صنع الجماهير التي صدعت الاستعمار الثقافي والعسكري، ونفخت روح الحياة في الجسد الهامد.
عدل سابقا من قبل الشيخ في الأحد 24 مايو 2009 - 12:39 عدل 1 مرات | |
|
عزالدين المدير العام
عدد الرسائل : 525 النقاط : 1006 التميز : 8 تاريخ التسجيل : 21/09/2008
| |
عزالدين المدير العام
عدد الرسائل : 525 النقاط : 1006 التميز : 8 تاريخ التسجيل : 21/09/2008
| موضوع: رد: تعريف بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله الأحد 24 مايو 2009 - 12:38 | |
| شهادة العلامة أبي الحسن الندوي: | أضيف إلى هاتين الشهادتين (للغزالي وقطب) شهادتين من خارج محيط الإخوان، ومن خارج مصر، وممن لم يلقوا حسن البنا، ولكن عرفوه من آثاره ومن تلاميذه وأصحابه، الأولى هي شهادة من رباني عصره العلامة أبى الحسن على الحسنى الندوي- رحمه الله - الذي قال في تقديمه لكتاب (مذكرات الدعوة والداعية) للإمام الشهيد: |
"إن الذي عرف الشرق العربي الإسلامي في فجر القرن العشرين، وعرف بصفة خاصة، وعرف ما أصيب به هذا الجزء الحساس الرئيسي من جسم العالم الإسلامي من ضعف في العقيدة والعاطفة، والأخلاق والاجتماع، والإرادة والعزم، والقشلب والجسم، وعرف الرواسب التي تركها حكم المماليك وحكم الأتراك وحكم الأسرة الخديوية، وما زاد إليها الحكم الأجنبي الإنكليزي، وما جلبته المدنية الإفرنجية المادية والتعليم العصري اللاديني، والسياسة الحزبية النفعية. |
وما زاد هذا الطين بلة من ضعف العلماء وخضوعهم للمادة والسلطة، وتنازل أكثرهم عن منصب الإمامة والتوجيه، وانسحابهم عن ميدان الدعوة والإرشاد، والكفاح والجهاد، واستسلامهم (للأمر الواقع) وخفوت صوت الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، زد إلى ذلك كله نشاط دعاة الفساد والهدم، والخلاعة والمجون، والإلحاد والزندقة، وتزعم الصحف والمجلات واسعة الانتشار، قوية التأثير، للدعوات المفسدة، والحركات الهدامة، والاستخفاف بالدين وقيمه، والأخلاق وأسسها، وما آل إليه الأمر ووصلت إليه الأقطار العربية بصفة عامة، والقطر المصري بصفة خاصة من التبذل والإسفاف، والضعف والانحطاط، والثورة والفوضى، والانهيار الخلقي، والروحي في الثلث الأول من هذا القرن الميلادي، ورأى كل ذلك مجسما مصورا في أعداد (الأهرام) و (المقطم) و (الهلال) و (المصور)، وفى كتب كان يصدرها أدباء مصر وكتابها المفضلون المحببون عند الشباب، ورأى ذلك مجسما مصورا في أعياد مصر ومهرجاناتها، وحفلاتها وسهراتها، واستمع إلى الشباب الجامعي في نواديهم ومجالسهم، وزار الإسكندرية وشواطئها ومصايفها، ورافق فرق الكشافة والرياضة والمباراة، ودخل دور السينما، ورأى الأفلام الأجنبية والمحلية، واطلع على الروايات التي تصدرها المكتبة العربية في مصر بين حين وآخر، ويتهافت عليها الشباب بنهامة وجشع، وعاش متصلا بالحياة والشعب، وتتبع الحوادث ولم يعش في برج عاجي وفي عالم الأحلام والأوهام، وعرف رزية الإسلام والمسلمين، ونكبة الدعوة الإسلامية في هذا الجزء الذي كان يجب أن يكون زعيما للعالم العربي كله، وزعيما للعالم الإسلامي عن طريقه، وقد بقى قرونا كنانة الإسلام ومصدر العلم والعرفان، وأسعف العالم العربي وأنجده، بل أنقذه في فترات دقيقة عصيبة في التاريخ الإسلامي، ولا يزال يحتضن الأزهر الشريف اكبر مركز ثقافي إسلامي وأقدمه. |
إن كل من عرف ذلك عن كثب لا عن كتب وعاش متصلا به، عرف فضل هذه الشخصية التي قفزت إلى الوجود، وفاجأت مصر ثم العالم العربي والإسلامي كله بدعوتها وتربيتها وجهادها، وقوتها الفذة التي جمع الله فيها مواهب وطاقات، قد تبدو متناقضة في عين كثير من علماء النفس والأخلاق، ومن المؤرخين والناقدين: هي العقل الهائل النير، والفهم المشرق الواسع، والعاطفة القوية الجياشة، والقلب المبارك الفياض، والروح المشبوبة النضرة، واللسان الذرب البليغ، والزهد والقناعة- دون عنت- في الحياة الفردية، والحرص وبعد الهمة- دونما كلل- في سبيل نشر الدعوة والمبدأ، والنفس الولوعة الطموح، والهمة السامقة الوثابة، والنظر النافذ البعيد، والإباء والخيرة على الدعوة، والتواضع في كل ما يخص النفس.. تواضعا يكاد يجمع الشهادة عارفوه، حتى لكأنه- كما حدثنا كثير منهم- مثل رفيف الضياء: لا ثقل ولا ظل ولا غشاوة. | وقد تعاونت هذه الصفات والمواهب في تكوين قيادة دينية اجتماعية، لم يعرف العالم العربي وما وراءه قيادة دينية سياسية أقوى وأعمق تأثيرا وأكثر إنتاجا منها منذ قرون، وفي تكوين حركة إسلامية يندر أن تجد- في دنيا العرب خاصة - حركة أوسع نطاقا وأعظم نشاطا، وأكبر نفوذا، وأعظم تغلغلا في أحشاء المجتمع، وأكثر استحواذا على النفوس منها. |
وقد تجلت عبقرية الداعي مع كثرة جوانب هذه العبقرية ومجالاتها- في ناحيتين خاصتين لا يشاركه فيهما إلا القليل النادر من الدعاة والمربين والزعماء والمصلحين. |
أولاهما: شغفه بدعوته وإيمانه واقتناعه بها وتفانيه فيها وانقطاعه إليها بجميع مواهبه وطاقاته ووسائله، وذلك هو الشرط الأساسي والسمة الرئيسية للدعاة والقادة الذين يجرى الله على أيديهم الخير الكثير. | والناحية الثانية: تأثيره العميق في نفوس أصحابه وتلاميذه، ونجاحه، المدهش في التربية والإنتاج: فقد كان منشئ جيل، ومربى شعب، وصاحب مدرسة علمية فكرية خلقية، وقد أثر في ميول من اتصل به من المتعلمين والعاملين، وفى أذواقهم، وفى مناهج تفكيرهم، وأساليب بيانهم ولغتهم وخطاباتهم، تأثيرا بقى على مر السنين والأحداث، ولا يزال شعارا وسمة يعرفون بها على اختلاف المكان والزمان ". انتهى. |
عدل سابقا من قبل الشيخ في الأحد 24 مايو 2009 - 16:22 عدل 7 مرات | |
|
عزالدين المدير العام
عدد الرسائل : 525 النقاط : 1006 التميز : 8 تاريخ التسجيل : 21/09/2008
| موضوع: رد: تعريف بالإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله الأحد 24 مايو 2009 - 12:38 | |
|
شهادة الشيخ عبد السلام ياسين: |
وهناك شهادة أخرى أتتنا من المغرب العربي، من المربى الكبير الشيخ عبد السلام يس مؤسس (جماعة العدل والإحسان) بالمغرب، وصاحب الكتب التربوية والدعوية والحركية المعروفة لكل من يهتم بأمر الإسلام، قال حفظه الله: |
لا معنى للتجديد ولا مكان له، ولو برز بين المسلمين زعماء عظام، ما لم يتجدد في الأمة الإيمان بصحبة المجددين وكذلك كان حال الأستاذ البنا رحمه الله. كان مغناطيسيا ومركز إشعاع. وبحاله نهض الإخوان المسلمون، وعلى مقاله لا يزال يعيش كثير من حملة الأقلام، وقراء الأدبيات الإسلامية رحمه الله رحمة واسعة. |
كان فكر البنا مغناطيسا ملائما لزمانه، كما كانت روحانيته، وهو حي يرزق، آية من آيات الله. وكان حريصا على أن يخرج بجماعته من سلبيات الطريقة الحصافية التبركية التي تربى طفلا ويافعا بين أحضانها. لكنه احتفظ بالبيعة الصوفية وطورها لتتسع للجهاد الذي ضاقت عنه الصيغة الموروثة عن المشايخ للبيعة. كانت بيعته لأصحابه بيعة مزدوجة، بين السيف والمصحف. بيعة تأخذ من التقليد الصوفي جانبا ومن التنظيم العصري جانبا. |
مهد الأستاذ البنا رحمه الله لشروط بيعته في (رسالة التعاليم) بشرح المفاهيم الأساسية لفكره وعمله. فبين ما يقصده بكلمة (فهم)، وهو فهم أصوله العشرين في العقيدة والشريعة والفقه، وتمييز ما بين البدعة والسنة. وبين ما يعنيه بكلمة (إخلاص) وكلمة (عمل) وكلمة (جهاد)، وكلمة (تضحية)، وكلمة (تجرد) وكلمة (أخوة). وختم شرح مفاهيمه بمفهوم (الثقة) وقال: "للقيادة في دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة ". |
كان أفقه رحمه الله فسيحا جامعا لأطراف ما توزع من معان ومطالب. وكان شخصه الكريم فسيحا جامعا. فصحت قيادته وأثمرت أفضل الثمار. وبقيت البيعة بعده تراثا ثقيلا. |
اشترط رحمه الله علي الملتحق بالجماعة المؤدى للبيعة ما لا يقل عن ثلاثة وثلاثين شرطا، من بينها الوفاء بتعهدات شخصية مثل اجتناب الإسراف في شرب القهوة والشاي والاعتناء بالنظافة، ومن بينها التعبدية الإيمانية كإتقان الطهارة والصلاة وسائر الفرائض، ومنها الإحسانية كالمحافظة على الأوراد وحفظ القرآن، ومنها الأخلاقية كالحياء ورحمة الخلائق ومساعدة الضعيف، ومنها الحركية كالنشاط الدائم والتدرب على الخدمات العامة، ومنها السياسة كمقاطعة المحاكم الأهلية وعدم الحرص على الوظائف الحكومية، ومنها الاقتصادية كمقاطعة المعاملات الربوية والادخار للطوارئ. |
ركز الشيخ ياسين على الشرط أو الواجب السادس والعشرين من شروط بيعة الأستاذ البنا رحمه الله، وفيه يقول: "أن تديم مراقبة الله تبارك وتعالى، وتذكر الآخرة، وتستعد لها، وتقطع مراحل السلوك إلي رضوان الله بهمة وعزيمة، وتتقرب إليه سبحانه بنوافل العبادة. ومن ذلك صلاة الليل وصيام ثلاثة أيام من كل شهر على الأقل، والإكثار من الذكر القلبي واللساني، وتحرى الدعاء المذكور على كل الأحوال". |
قال الشيخ ياسين: وهى شروط عالية، من يفي بها لا شك يكون من المتقين. من بينها مسألة واحدة لا يفيد فيها إسرار ولا (إعلان) ولا يخبر عنها بوح ولا كتمان، ولا هي من شأن دون شأن، ألا وهى مسألة (قطع مراحل السلوك إلى رضوان الله)،. هذا لا يجئ إلا بصحبة. والمصحوب رجل حي سلك المراحل إلى الله، وتقرب حتى أحبه الله، وجعل قلبه مشكاة ونبراسا وسراجا وفاتحا. ما يحصل ذلك بإجازة تبركية، ولا بالانضواء تحت جناح عظيم من عظماء الأمة، عدا المعصوم صلى الله عليه و سلم، قبلة القلوب، رحمة العالمين، محبوب الرب جل وعلا. |
من كتاب (الإحسان) للشيخ عبد السلام ياسين ص 244- 246. |
الشيخ عبد السلام يرى أن الصحبة المؤثرة هي صحبة الأحياء، لا صحبة الأموات، وإن كانوا من الربانيين الصادقين، وهو أشبه بمن يقول في الفقه: لا يجوز تقليد الموتى، إنما يقلد الفقيه الحي المتفاعل مع الناس والأحداث. وقد خالف في ذلك آخرون، وقالوا: الآراء لا تموت بموت أصحابها. وهذا صحيح، ولكنها لا تحيا إلا بتلاميذ أحياء، أقوياء، يوقظونها في العقول والقلوب. |
لقد كان حسن البنا هبة من الله تعالى لمصر، ولأمة العروبة والإسلام. فبعد سقوط الخلافة بأربع سنوات أو خمس (أي سنة 1928م أو 1929م) بدأ حسن البنا دعوته، وأنشأ في مدينة الإسماعيلية التي كان يعمل مدرسا بها جمعية (الإخوان المسلمين). |
هذه الشهادات الأربع من هؤلاء الرجال الكبار: تكفينا للتعريف بقدر حسن البنا. فقد شهد له الغزالي بعبقرية الدعوة والتثقيف، وشهد له قطب بعبقرية البناء والتنظيم، وشهد له الندوي و ياسين بعبقرية التربية والتكوين، وقد كان الرجل بالفعل إماما في هذه الميادين الثلاثة: في الدعوة وفى التربية، وفى التنظيم. وهى العلامات الفارقة التي تميزت بها حركته، التي تحمل (بصمته) الفكرية والدعوية والتربوية والتنظيمية. | | |
|