قراءة في تطورات أزمة حركة الراحل نحناح (ح-1)
25-05-2009 عادل ابراهيم / الحياة العربية
حجم الخط:
لأول مرة في تاريخ الحركات الإسلامية يحدث ما حدث في بيت الراحل محفوظ نحناح الذي ترك حركة ملء الأسماع والأقطار ظلت تصنع الحدث بشكل متميز من خلال المواقف المختلفة التي صنعتها في شكل أعطي الانطباع للمتابعين لها بأنها تخفي باستمرار وراء غموضها أشياء هي السر في تماسكها وقوتها على المقترحات والتنظيم والتعاطي مع كل متناقضات الساحة السياسية بشكل متوازن جدا أبقى لها حب الجماهير، كما مكن لها الولوج إلى دواليب السلطة وإعطاءها مواقع في الحكومة وهي تحافظ على هامش واضح للمعارضة.
لأول مرة في تاريخ الحركات الإسلامية يحدث ما حدث في بيت الراحل محفوظ نحناح الذي ترك حركة ملء الأسماع والأقطار ظلت تصنع الحدث بشكل متميز من خلال المواقف المختلفة التي صنعتها في شكل أعطي الانطباع للمتابعين لها بأنها تخفي باستمرار وراء غموضها أشياء هي السر في تماسكها وقوتها على المقترحات والتنظيم والتعاطي مع كل متناقضات الساحة السياسية بشكل متوازن جدا أبقى لها حب الجماهير، كما مكن لها الولوج إلى دواليب السلطة وإعطاءها مواقع في الحكومة وهي تحافظ على هامش واضح للمعارضة.
اليوم وحتى في حالة الانقسام التي عرفتها حركة الراحل محفوظ نحناح بعده هي حالة متميزة فيها نوع من الرقي الحضاري الذي لم تعرفه حركات أخرى وفيها سمت ما زال يحافظ على القيم والأخلاق وآداب الخلاف رغم بعض الإشارات التي يمكن اعتبارها سلبية وهي لا ترتقي إلى الخدش في أصل النقاء الذي أسس له نحناح –رحمه الله- خصوصا من طرف رحم الأزمة وهي حركة الدعوة والتغيير...
الدعوة والتغيير ميلاد إسلامي جديد
إسم الدعوة ومصطلح التغيير كلمتان أصيلتان في العمل الإسلامي القديم والجديد والهروب إليها من لفح الأزمة هو عنوان عن توجه إسلامي يريد بيه أصحاب بلمهدي إعلان انتماءهم أو إحياء إسلاميتهم بعد إحساس بأنها بدأت تغيب عن ساحة الناس أو تضمر بفعل الضغط الدنيوي الذي أصاب جسم الحركة الإسلامية فأهلكها ابتداء بالاغترار بالنصر ثم ثانية بتسلط الزعيم ثم ثالثا بالاحتكام إلي العنف ثم رابعا بانفتاح الدنيا والتنافس عليها وهي كلها مهلكات في مسار العمل الإسلامي ترتبط بالأساليب والوسائل وتحتكم إلي الأشياء أكثر مما تحتكم إلى المناهج والمبادئ والأفكار والرؤى التي بنيت عليها هذه الحركات ولذلك آوت حركة بلمهدي ومناصرة ومن معهم من حر هذا الضغط إلى آمان الدعوة والتغيير التي تنسجم مع أصلهم من جهة وتعبر من جهة أخرى عن آمال الجماهير الإسلامية العريضة التي هي حقل الدعوة والدعاة وهي في أمس الحاجة إلى خطاب دعوة يلبي حاجاتها إلى القيم والفضائل ويقودها من خلال الدعوة إلى الله وإحياء الربانية ونشر التعاليم الإسلامية التي ظلت مهوى أفئدة الشباب الذين أصبحوا يملؤون المساجد ويهفون إلى تلك القيادة الدعوية التي تؤمهم كما إمام الصلاة، لا يشكون لحظة أنه يقودهم لغير الله ولذلك يتبعونه بدون تردد بل بحماسة وسرعة كبيرة والتزام تماما كما يحصل هذه الأيام حركة الدعوة والتغيير التي تحدث نحوها هجرة جماعية تعكس إحساسا لدى المهاجرين بالتغيير الحقيقي في ساحة العمل الإسلامي ابتداءا من ذلك التنازل الطوعي عن قيادة العمل من طرف كل الوجوه المعروفة على الساحة الإعلامية لرجل لم تعهده الساحة الإعلامية ولا السياسية ولكن هو واحد من الدعاة الذين أسسوا للعمل الإسلامي في كل مراحله بعيدا عن حب الظهور والحرص على المناصب أو الولوغ في سوءات الخلاف والنزاع.
انحناءة نحناح المثقلة وارت بذور الثرى ثورة على بوجرة
قبل وفاة نحناح كان بإمكانه أن يوصي لتكون مقاليد الحركة لفلان أو علان وبذلك يحسم كل أزمة يمكن أن تحصل بعده ولكن نحناح لم يوصي لأحد من أجل الحفاظ على منهجية الاختيار الحر التي أسس لها ولم يرد أن ينقض غزله من بعد قوة أنكاثا غير أن الروايات المروية عنه تقول بأن أواخر وصاياه كانت بأن جعل أمانة حماية المنهج والحفاظ على خط الحركة في أعناق مجموعة من القيادات لا علي سبيل الوصية بالمنهج والروح وبذلك كان سمت النحناح عاليا جدا في عملية التوريث القيادي وكأنه انحني مثقلا كما السنبلة ليواري رحم الثرى ثورة مقبلة وأمهلت بوجرة عهده كاملة ثم قامت عليه بالخروج من الحزب لأجل الحركة وترك الإطار من أجل اللب وبذلك تشكلت هذه الحركة الجديدة في مضمار العمل الإسلامي الذي أصبح يحتاج بشكل كبير لقيادة دعوية تغييرية يعول عليها في جميع كلمة التيار الإسلامي وقيادته وفي النظرية النحناحية الوسطية التي لا ينكر أحد دورها الإيجابي وإضافتها الكبيرة للعمل الإسلامي العالمي من جهة ومساهمتها في بناء الوطن وحماية الدولة من الانهيار وحماية الإسلام من التشوه وخصوصا بعد الوضع الذي آل إليه حال العمل الإسلامي في الجزائر والانكسارات الكبيرة التي عصفت بأغصان الشجرة الإسلامية في الجزائر خلال عقود الاضطرابات الأخيرة.
أبوجرة عرى أنصاره من غطاء الإخوان وقطع الصلة التي ربطها نحناح
كان من أهم فضائل الشيخ نحناح أن ربط أتباعه بالمنهج الدعوي والحركي الذي وضعه الشهيد حسن البنا وقامت عليه دعوة الإخوان المسلمون رغم أنه جعل لها خصوصيات تنسجم مع طبيعة المهمة التي يقال بأنه كان يقوم بها من خلال الإشراف على العمل الإسلامي في أفريقيا أو بالأحرى غرب شمال إفريقيا حيث وضع أسسا واضحة للعمل الإسلامي وامتد بعمله إلى الجالية الجزائرية في المهجر وخصوصا في فرنسا وبريطانيا وإيطاليا.
واستمرت حالة الارتباط التي أعطت الروح لجسم الحركة الإسلامية من خلال رحابة الفضاء الذي تحركت فيه وسعة المنهج وسلاسة الأسلوب الذي اعتمد الواقعية والتدرج في معالجة مختلف القضايا عبر مرجعية إسلامية لا تشوبها شائبة المصالح أو الطمع حتى أن نحناح رحل إلي ربه وهو طاهر الأكناف ونقي الثوب وبعيدا عن أية شبهة مما لحق بخلفه أو اتهامه به خصومه سواء داخل الحركة أو خارجها.
ولكن الأحداث الأخيرة والتي يحمّل المراقبون أبو جرة المسؤولية الكبرى فيها باعتبار موقعه القيادي أدخلت إرث نحناح في وضعيات مؤلمة ولكن أخطرها على الإطلاق هو أن تتعري الحركة من غطاء الإخوان المسلمين وتقطع أكبر وأقدم الحركات الإسلامية صلتها بها وذلك يعني بشكل واضح أن حركة الراحل نحناح من بعد قد بدلت وغيرت وبالتالي فقدت البوصلة التي تضبطها مع القمر الصناعي الذي يبث منه الإخوان المسلمون وسدت القنوات التي كانت تربطهما معا وتلك هي أكبر خسارة لأنصار نحناح وأكبر خطيئة وقع فيها أبو جرة وتعتبر في الحقيقة أهم الانحرافات عن خط محفوظ نحناح وهي أيضا حالة الأزمة التي أطال أبو جرة عمرها ثم انتهى به المطاف إلى الانفصال عن الإخوان أو فصل الإخوان له بشكل أوضح وعملية فصل الإخوان لفرد أو مجموعة منهم أو بالأحرى قطع الصلة معهم هي في الحقيقة عقوبة من عقوبات هذا التنظيم تترتب علي الإخلال بشرط من شروط التنسيق أو التنظيم أو أي شكل من أشكال العلاقة معهم وأي متابع، لكنهم مواقع الإخوان معهم بقينا أن المنهجية التي تتعامل بها هذه الجماعة أنهت لكتب الإخوان ومواقعهم يعلم يقينا أن المنهجية التي تعاملت بها هذه الجماعة ألغت أبوجرة من حساباته ووضعت أتباع نحناح في امتحان الاختيار بين أبوجرة وبين الإخوان المسلمين حيث أصبح في عدد اليقينيات أن من انتمي إلي حمس أو استمر معها ليس من الإخوان ولا صلة تربطهم به وبالتالي تنافي الانتماء إلى حمس مع الانتماء إلي الإخوان.
وأصبح أمامنا سؤالان واضحان هما هل اختار الباقون مع حمس بكل سهولة الانسلاخ من موروثهم الحركي والدعوي؟
وهل نقل الإخوان صلتهم إلى حركة الدعوة والتغيير أم لا؟
يتبع..