الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين ، اللهمَّ لا علم لنا إلا ما علَّمتنا إنَّك أنت العليم الحكيم ، اللهمَّ علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَّمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحقَّ حقاً وارزقنا اتِّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيُّها الأخوة الكرام مع الدرس العاشر من سلسلة دروس تربية الأولاد في الإسلام.
لقد تحدّثنا في دروسٍ سابقة عن مسؤوليَّة الآباء في تربية أولادهم الإيمانيّة ، وفي تربية أولادهم الخلُقيَّة ، والجسميَّة ، والعقليّة ، وها نحن ننتقل إلى أخطر موضوعٍ في التربية وهو تربية الأولاد التربية النفسيّة .
فالأب الواعي العاقل الموفّق يستطيع أن يجعل من أبنائه شخصيّاتٍ فذّةً في المجتمع ، والأب غير الواعي والذي يرتكب أخطاء فادحة في حقّ أبنائه ـ بالتعبير المألوف يحطِّمهم ـ يجعلهم يشعرون بالنقص ، يجعلهم يجبنون عن مواجهة الحياة ، يجعلهم في صفةٍ ينبذها المجتمع ، فلذلك أقول دائماً : الأُبوَّة مسؤوليَّة .
الإنسان بنيان الله ، وملعونٌ من هدم بنيان الله ، أحياناً الأب بكلمة غير واعية غير مدروسة متعجِّلة فيها ارتجال يحطِّم ابنه ، وكلمة مشجِّعة أحياناً تبعثُّ الثقة في النفس ، تجعل ابنه عظيماً ، فالقضيَّة قضيَّة حكمة ، الله عزَّ وجلَّ قال :
﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
( سورة البقرة الآية " 269 " )
يعني مثلاً إذا أخطأ ابنك فبينك وبينه وبأسلوبٍ لطيفٍ ومقنع تقول له: يا بنيّ هذا العمل خطأ ، هذا العمل له نتائج خطيرة ، وهذا العمل يجعلك في المجتمع منبوذاً ، وتأتي له بدليل وشاهد وقصَّة ، وبآية وبحديث ، فالابن يقتنع ، أمّا لو قمت بتعنيفه أمام أصدقائه فقد حطَّمته ، ولو عنَّفته أمام إخوته حطّمته ، أو لو صببت على أُذنه سباباً مقذعاً فقد حطَّمته ، لذلك الأب مسؤول عن تربية أولاده التربية النفسيّة ، وتوجد قاعدة في علم التربية لا أريد أن أقولها كي لا يجترئ الأبناء على آبائهم ، لكن معظم أخطاء الأبناء مردُّها إلى المربّي ، فمثلاً عندما تكذب الأم على زوجها أمام بناتها ، فهذا الكذب العملي على الزوج أمام البنات أسقط ألف محاضرة في الصدق ، القدوة هي أساس التربية .