مناظرة بين الشيخ محفوظ النحناح -رحمه الله- وحسين أحمد أمين
مقدمة لابد منها :
أستسمح إخواني على عدم عرض الشريط، ببساطة لست أدري أين هو. هو شريط سمعي مؤرخ نهاية سنة 1994 أو بداية 1995 لأنني انتهيت من دراسته وكتابته يوم 17 فيفري 1995 واعتبرته شريط جديد. وحتى تعمّ الفائدة أعرض هذه الدراسة بين أيديكم للإثراء والمناقشة والإضافات، في انتظار ايجاد الشريط أو افادتنا أحد الإخوة أو الأخوات به وعرضه أمام هذه الدراسة.
الهدف من سماع الشريط :
1- الشريط جديد، بمعنى نحاول أن نكون مع الحدث قدر الإمكان.
2- لا يخفى على المسلم دوره في هذه الحياة الدنيا وهي الدعوة إلى الله، التي من خلالها نشر الخير والحب والسعادة وكل السمات الحميدة في الإسلام. وهذا يتطلب معرفة الأفكار والطروحات المغايرة للإسلام وفهم منبعها ثم تصحيحها بالحجة والبرهان.
3- تعلم أدب الحوار، وعدم الالتجاء إلى الانفعال.
4- اجتناب التفكير السطحي المبني على الأحكام.
5- تفجير الطاقة العقلية بالتفكير والتدبّر.
ومن هنا أردنا من خلال هذا الشريط أن نستفيد ما يمكن الاستفادة منه في حياتنا الدعوية.
الدروس والعبر من هذه المناظرة :
1- ضرورة معرفة التاريخ وفهمه :
ممّا نلاحظه في هذا الحوار استدلالهم بالتاريخ غير أنّ لكل واحد منهما هدف معيّن. فالأول لإثبات شيء والثاني لنفي شيء. ولكن حسن الاستدلال وقوة معرفة التاريخ يبيّن زيغ وبطلان الآخر
وأهميته وضرورته تكمن في :
• الاعتبار لمجاري الأحداث للاستفادة منها.
• معرفة أسباب التي هلكت بها أمم أو نجحت بها أمم.
• وغيرها كثير...
تنبيه :
مما يدل على قيمة التاريخ العلمية العظيمة أن القرآن الكريم أبطل دعوى اليهود والنّصارى في أنّ إبراهيم كان يهوديا أو نصرانيا كما يزعمون. أبطلها بحجّة التاريخ وهي حجّة لم يقدروا على ردّها بحال فغلبوا عندها وانقلبوا صاغرين.
قال تعالى : " يا أهل الكتاب لِمَ تُحاجون في إبراهيم وما أًنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده، أفلا تعقلون " آل عمران:65.
2- الجانب الفكري والجانب الوجداني :
الملاحظ في حوار العلماني هو أنّ كلامه مصدره تصوّر فكري عقلي بعيد كل البعد عن الجانب الوجداني.
وهذا من الآثار التي خلّفها الاستعمار عندما نقلوا إلى البلدان الإسلامية الحضارة المادية المتعفّنة التي كان منشؤها الصراع بين العلم والكنيسة، فأثاروا كل ما جاءت به الأديان.
وبما أن ديانة البلدان الإسلامية هي الإسلام فبتقليدهم الأعمى أثاروا على الإسلام فأبعدوه عن الواقع وحبسوه في المساجد.
وقد عالج القرآن هذه الظاهرة "العقلية" عن طريق ما أسماه الشيخ البوطي "بالمحاكمة العقلية" من خلال جوانب عدّة أهمها :
• تعريف الإنسان بذاته : وأوّل آيات نزلت تُعرّف الإنسان بذاته وجوهره.
• الاعتماد على المناقشة والحوار.
قال تعالى : " قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون، أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون، أم من جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون، أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون، أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون، أم من يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " النمل:59-64.
إنه أسلوب حواري كما ترى، يقوم على إثارة الأسئلة المنبّهة للعقل والمحركة للفكر، ولا تجد أي جواب صريح على سؤال منها، وإنّما تجد بدلا من الجواب لفت النظر إلى حيث يتسنى للفكر أن يًدرك الجواب الصحيح ويتنبّه له.
إنّ هذا الأسلوب الحواري يكشف عن عناد المشركين وبذلك يكون مادة تربية لغيرهم إن أصرّوا على كفرهم.
أو يكون هذا الحوار مادة تربية لأنفسهم إذا نبّههم إلى صحو الإيمان وضرورة الإنصاف.
3- مسألة المرجعية :
لابد من فقه مرجعية الكتاب والسنّة جيّدا.
• 13 سنة مكية
• 10 سنوات مدنية
وما يحملهما سواء تعلّق بالفرد أو المجتمع أو الدولة.
4- الاعتماد على أسلوب الحجة والبرهان دون أسلوب الانفعال. فالسب والشتم وما إلى ذلك ليس من أخلاق المسلمين ناهيك إذا كانت أمام الملأ.
5- مناقشة الرأي الآخر وتبطيله وبيان زيغه بأسلوب علمي، واقعي، بعيدا عن الاتهامات والأحكام.
6- الحذر من الأسئلة التعجيزية، وهذا ليُظهروا عجزه أمام البسطاء من الناس. لذلك لابد أن يكون هادئا هدوء الحق، وثابتا ثبات الجبل.. ويحاول اجتناب من أن يجعل من هذه الإثارة منطلقا لبداية المعركة حارّة بل ينطلق معهم من الخط العام للأسلوب الإسلامي.
7- اجتناب التكلّم من موضع ردّ الفعل أو المدافع، بل من موضع قوّة وهجوم؛ لأنّ ما يحمله الآخر زيغ وباطل، دون أن ننسى بالحجة والبرهان.
8- عدم الانشغال بالمصطلحات، والالتفات إلى المضمون مثل : الإسلام السياسي، وغيره. ومحاولة إدارة الحوار للوصول إلى الأهداف المرجوة من النقاش، طبعا وهي الدعوة إلى الله.
9- توسيع المناقشة إلى جوانب عدّة ولو في موضوع واحد، حتى لا يكون النقاش محدّد وبالتالي تكون المتّهم فيه. وهذا لا يتأتّى إلا بسعة المطالعة والمعرفة ومسايرة الأحداث وكذلك الفطنة والذكاء.