لا تقطف الابتسامة من وجوه الموتى ولا المطر يحمل على أجنحة البعوض
ولا القمح يحصد بمناجل من ريش ولا حبات اللؤلؤ تجنى من الأصداف الميتة
ولا تبقى القصائد إذا كتبت على الرمال...
ولا المعروف مفيد إذا كان مع الضباع ولا الحسنة تنفع مع المنافقين
ولا الثلج يفيد إذا هطل فوق الصخور ولا الحوار يجدي مع من كانت عقولهم مسقوفة
ووجد العطر للشم لا للشرب والأحذية لانتعالها لا لوضعها فوق الرؤوس
وظهور الحمير كانت وستبقى للركوب عليها لا لتزيينها والتمتع برؤيتها
ولاتحتاج البراكين إلى سلالم كي تخرج من باطن الأرض
ولا الغيوم تستجدي عطف الخفافيش لحمل ثلوجها إلى قمم الجبال
ولا اللحم ينمو على الخشب اليابس ولا الأجنحة تظهر على أجساد الجراذين وظهور الضفادع
ولا الدبس يجنى من بيوت الثعالب ولا العسل يجمع من أوكار الضباع وجحور العقارب
وقد نجد بين الوحول ما لم يؤثر في طبعه الوحل وثياباً نظيفة لا تدل بالضرورة على طبع نظيف أو عقل راجح...
والشجر العالي قد يخرج أحياناً ثماراً رخيصة وقد لا نجد في أعماق البحار ما نبحث عنه من جواهر
وربما وجد طفل صغير عند الشاطئ صدفة في داخلها لؤلؤة كبيرة
وما يؤكل بسهولة قد يصعب على المعدة هضمه
وقلم من ذهب ليس بالضرورة أن يخط صاحبه كلاماً ثميناً وقلم من خشب ربما كتب به صاحبه ما لا يقدر بثمن
الضوء مهم إنما ليس للخفافيش, والماء مفيد لكن ليس للصخور
وبعض العواصف قد تكون ضرورية أحياناً لأخذ الخفيف وقلع اليابس من حولنا
وعندما ترفرف الصقور بأجنحتها لا تعود ترى أمامها سوى القمم والفضاء المفتوح
وقد تمر في طريقها وهي ترتقي الجبال بالأرانب والثعالب والحشرات الزاحفة والأفاعي المتلوية
لكنها لن تعبأ برؤيتها ولن يؤثر عواؤها وزحفها على رفرفة أجنحتها
وتمر السحب الفارغة ولا تترك خلفها شيئاً حتى ظلالها تأخذها معها ولا تلبث أن تتلاشى والسحب المخصّبة بالثلج
والمطر ستترك
وراءها مواسم من الورد وحقولاً من الزيتون
هناك في حياتنا من يمرق مروق السحاب الفارغ
وهنالك من يأتي ليبقى في كل شبر من الأرض التي مر فوقها
ويبقى الجمربعد النار إذا كانت النار قد جاءت من خشب طيب غير مسوس
ولا يبقى تحت الخشب المريض بعد ذهاب النار عنه إلا الرماد
ولا يترك الموج خلفه على الشواطئ سوى الصدف الفارغ والسمك الميت
أما الحي فقد يعود ليركب الموج ويدخل البحر من جديد...