وقال الإمام مالك، على المسلمين أن يفكوا أسراهم ويفدوهم ولو استغرق ذلك
مظاهرات حاشدة في الأردن تأييدا للانتفاضة
جميع أموالهم، الأسرى، فكيف والأمة كلها أسيرة؟. عمر بن عبدالعزيز بلغه أن رجلاً مسلماً استذل في بلاد الروم، فكتب إلى ملك الروم يهدده ويتوعده ويقول إذا بلغك كتابي هذا فأطلق سراح هذا الإنسان وإلا غزوتك بجنود أولها عندك وآخرها عندي، أين الأمة؟ لماذا لم تعبر الأمة عن نفسها؟ إن هناك للأسف بعض من أراد أن يعبر عن نفسه ولكن حيل بينه وبين التعبير، لقد ساءتني تلك المشاهد الدامية التي رأيتها في الجمعة الماضية في عمّان، خرجت مسيرة سلمية يقودها أحرار شرفاء من رموز الوطن الأردني، ولكنها هوجمت بقسوة وعوملت بعنف من قبل قوات الأمن، الضرب بالهراوات الغليظة، وإطلاق الكلاب عليها، والغاز المسيّل للدموع، حتى كسرت عظام وحدثت جراح، لأناس كبار، ما هذا؟ لماذا لا تترك الأمة تعبر عن نفسها؟ لقد دعونا في بيان وقعت عليه مائتان وخمسون شخصية عربية وإسلامية، دعونا الأمة إلى أن تعبر عن نفسها في يوم 15 من مايو يوم قيام الكيان الصهيوني، يوم الغضب العربي والإسلامي، وحدثت تعبيرات هنا وهناك في بعض البلاد العربية، ولكنا كنا نتوقع أن يشتعل الشارع العربي والإسلامي ناراً، وأن يبلغ هذا الشارع صوته إلى العالم مدوياً قوياً، ولكن مشكلتنا أننا نكمم الأفواه في عالمنا العربي والإسلامي، مشكلة الحريات، لا يستطيع الناس أن يتحركوا كما يريدون وإلا عوملوا كما عومل إخوانهم في عمّان، وعمّان ألصق الأراضي بقضية فلسطين، رحم الله الشاعر عمر أبو ريشة الشاعر العربي السوري الكبير، الذي أنشد قصيدة منذ أكثر من نصف قرن يشكو فيها حال الأمة، يشكو فيها وهن الأمة وهوانها وغيبة وعيها وضياع قضاياها وتفريط زعمائها، ما أجدرنا أن نحفظ هذه القصيدة ونحفظها لأبنائنا ونقررها عليهم في النصوص في المدارس، إنه يقول في هذه القصيدة
أمتي هل لك بين الأمـم منبر للسيف أو للقلــم
أمتي كم صنم مجدتــه لم يكن يملك طهر الصنم
لا يلام الذئب في عدوانه إن يكن راعي عدو الغنم
المفروض الراعي هو الذي يحمي الغنم، فإذا كان هو عدو الغنم فمن يحميها؟ وهذا مثل قول الشاعر القديم،
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها ذئاب؟
لا يلام الذئب في عدوانه إن يكن راعي عدو الغنم
ثم يتحدث عن القادة والزعماء وهوانهم على أنفسهم وعلى أمتهم وعلى العالم من حولهم، فيقول
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
وامعتصماه، قالتها امرأة لطمت على خدها في بلاد بعيدة، وقالت وا معتصماه، تستغيث بالخليفة، وبلغت الخليفة على طول المسافة بينها وبين هذه الحادثة، فقال لبيك أختاه، وجيش الجيوش، وكانت معركة من معارك التاريخ الحاسمة، معركة عمورية التي عبر عنها أبو تمام في قصيدته الشهيرة
السيف أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب
ماذا يقول عمر أبو ريشة فينا اليوم وفي أمتنا وفي مواقف الأمة الآن وهي تخذل الانتفاضة وتترك الانتفاضة تلاقي مصيرها وحدها، أهذه هي الأخوة العربية والإسلامية؟ أنحن أمة واحدة؟ أنحن أصحاب مصير واحد؟ إن إسرائيل ليست خطراً على فلسطين وحدها كما قلت لكم في الأسبوع الماضي، إسرائيل خطر على المنطقة كلها، على العرب جميعاً، على المسلمين كافة، خطر عسكري وخطر اقتصادي وخطر سياسي وخطر ثقافي وخطر ديني.
إلى أعلى
نحن نقاتل يهود العالم ونقاتل معهم الولايات المتحدة الأمريكية
لابد للأمة كل الأمة أن تقف وقفة رجل واحد، لصد هذا العدوان، (كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)، القتال كتب علينا، نحن لم نبدأ المعركة، نحن الذين غزينا في عقر دارنا، نحن الذين شتتنا من منازلنا وأوطاننا، غزانا الدخلاء الغرباء عنا، احتلوا أرضنا وأخذوا ديارنا، وأزالوا أملاكنا، وأصبحت الأرض أرضهم والديار ديارهم وشتتنا نحن في أنحاء العالم، من حقنا أن نقاتل (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله)، (أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفي صدور قوم مؤمنين)، ولكن من الذي يقاتلهم، يجب أن يقاتلهم العرب والمسلمون جميعاً، نحن لا نقاتل يهود الكيان الصهيوني وحدهم، بل نقاتل يهود العالم، ونقاتل معهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تشد أزرهم وتسند ظهرهم وتقف معهم بقوتها العسكرية والاقتصادية وقوتها السياسية وقوتها العلمية والتكنولوجية، بالمال الأمريكي والسلاح الأمريكي والفيتو الأمريكي، تعيث إسرائيل في الأرض فساداً وتعربد وتصول وتجول هنا وهناك، ومع هذا لا زلنا نخطب ود أمريكا، أمريكا صديقة العرب، صديقة الحكومات العربية، والقادة العرب، الذين يربتون على أكتافها ويعاملونها بكل أدب جم، وبكل لطف أتم، لا يريدون أن يكدروا صفو العلاقات معها بأدنى كلمة تجرح مشاعرها، أو تكدر خاطرها، حتى في القمم العربية والإسلامية لم يوجهوا كلمة نقد واحدة إليها، وكان الكثيرون يعلقون الآمال والأماني والأحلام على العهد الجديد في أمريكا