والقدس كذلك هي أرض البركات والنبوات وصف الله أرض فلسطين كلها بالبركات في خمس آيات من كتابه العزيز (المسجد الأقصى الذي باركنا حوله)، (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين)، ( ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها)،لا بل قال عدد من المفسرين إن قوله تعالى (والتين والزيتون ) يقصد بأرض التين والزيتون أرض بيت المقدس، بدأ الله بالقسم بها. وبهذا تتناغم وتنسجم هذه الأقسام الثلاثة، أولها القسم ببيت المقدس، الأرض التي ظهر فيها عيسى عليه السلام، وطور سينين الأرض التي كلم الله عليها موسى عليه السلام، هذا البلد الأمين الأرض التي ظهرت فيها نبوة محمد عليه الصلاة والسلام. هذه مكانة القدس، والقدس كذلك أرض الرباط والجهاد، وقد أعلم الله رسوله أن هذه الأرض ستتعرض للغزو والاحتلال وعلى المسلمين أن يرابطوا فيها ويجاهدوا الأعداء حتى لا يحتلوها وإذا احتلوها جاهدوهم حتى يحرروها، وفي هذا جاء الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند ، عن أبي أمامة الباهلي أن النبي (صلى الله عليه وسلم ) قال (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من جابههم أو من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من جابههم إلا ما أصابهم من لأواء (أذى) حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ (هذه الطائفة الظاهرة على الحق المجاهدة للعدو المرابطة في سبيل الله) قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس. فهذه منزلة القدس في الوجدان الإسلامي في الضمير والوعي الإسلامي في الاعتقاد الإسلامي، والقدس ثالث المدن المعظمة في الإسلام، فالمدن المكرمة عندنا مكة المكرمة، فيها بيت الله الحرام ( المسجد الحرام)، والمدينة الثانية المعظمة في الإسلام هي طيبة أو المدينة المنورة التي شرفها الله بمسجد النبي (صلى الله عليه وسلم) وضمت رفاة رسول الله وقبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والمدينة الثالثة المعظمة في الإسلام هي مدينة القدس التي تضم المسجد الأقصى، هذه هي المساجد المعظمة في الإسلام والتي أعلن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه لا تشد الرحال إلا إليها، كل المساجد متساوية في المثوبة إلا هذه المساجد الثلاث، أي مسجد صليت فيه المثوبة واحد إلا أن تذهب لمسجد لتسمع فيه خطيباً أو درساً أو تلقى فيه أخاً صالحاً، إنما للصلاة فالصلاة متساوية في كل المساجد إلا هذه المساجد الثلاث، في الحديث( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا) أي لا يجوز أن ينوي الإنسان السفر ويعزم على الارتحال في مسجد معين بقصد زيادة المثوبة فيه إلا هذه المساجد الثلاث.