رئيس حركة الدعوة والتغيير المنشقة عن إخوان الجزائر مصطفى بلمهدي لـ «العرب»:
حركتنا جاءت من أجل التأسيس لعمل دعوي متكامل ولا تهمنا المناصب
الجزائر - حسين بوجمعة
يتحدث
مصطفى بلمهدي رئيس حركة الدعوة والتغيير، المنشقة عن حزب إخوان الجزائر
«حركة مجتمع السلم» المعروفة اختصارا بـ «حمس»، عن الأسباب والدوافع التي
جعلته مع مجموعة من القياديين، الانشقاق وتشكيل حركة موازية، وبالتالي
أصبح إخوان الجزائر برأسين، الأمر الذي لم يرض المرشد العام للإخوان
المسلمين مهدي عاكف، الذي جمد مكتب الجزائر، ودعا الطرفين إلى الصلح.
مؤكدا أن حوارات الصلح دامت عاما كاملا، ووصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض
قيادات «حمس» لكل مساعي لجنة الوساطة الخارجية المستقلة والداخلية.
كما
شدد بلمهدي التأكيد على أن «الدعوة والتغيير»، لم تولد البارحة، وأن
منهاجها يمتد في عمق فكر الوسطية والاعتدال الذي مثله رائد ومنشر الفكر
الإخواني بالجزائر محفوظ نحناح، الذي قال إن منهجه مبني على مشروعية
المبادئ قبل مشروعية الهياكل. نافيا أن تكون المناصب غاية مؤسسي «الدعوة
والتغيير» أو الذين التحقوا بها.
وقال بلمهدي الذي يعد من المؤسسين
الثلاثة الأوائل لحزب إخوان الجزائر، إلى جانب الراحلين نحناح ومحمد
بوسليماني، إن الهدف من إنشاء «الدعوة والتغيير»، هو وصول أغلبية تيار
التغيير في «حمس» إلى ضرورة تأسيس عمل دعوي متكامل وقيادة المشروع
الإسلامي في الجزائر.
¶
لم يمض على ميلاد «الدعوة والتغيير» إلا بضعة أشهر، ومع ذلك فلها حضور
إعلامي مكثف، ألا ترون أنه من الأفضل التركيز على العمل الميداني بدل
الدعاية الإعلامية؟
أولا نود أن نصحح
هذا المفهوم الخاطئ حول ميلاد الدعوة والتغيير حيث إن حركة الدعوة
والتغيير تمتد في التاريخ منذ سنوات قليلة بعد استقلال الجزائر، وهي
امتداد حقيقي لميراث الشيخ محفوظ نحناح، وكل المؤسسين للحركة في بداية
السبعينات هم موجودون في حركة الدعوة والتغيير، وبذلك فإن هذه الحركة من
حيث الرجال لم تولد البارحة، ومن حيث المنهج والأفكار هي أيضا تمتد في عمق
فكر الوسطية والاعتدال الذي مثله الشيخ محفوظ نحناح في الجزائر، والجديد
في الموضوع هو تشكيلنا لحركة جديدة من حيث الشكل، وليس من حيث المضمون،
لأننا قمنا بهذا العمل من أجل المحافظة على الموروث التاريخي للدعوة بعد
سلسلة الانحرافات التي لاحظناها في سقوط حركة الأمس، وأما ما يتعلق بكثافة
الحضور الإعلامي فهو ظاهرة صحية عندما يصاحبها العمل، وتصبح سلبية عندما
تفتقر إلى العمل وتتحول إلى دعاية، ونحن نحضر إعلاميا من خلال سلسلة
أعمالنا وبرامجنا التي تغطيها الصحافة الوطنية والدولية، كما نحضر إعلاميا
بقوة من خلال موجات الالتحاق بالحركة والهجرة الكبيرة نحو حركة الدعوة
والتغيير وسلسلة بيانات التأييد والانخراط الجماعي، وهذه كلها مظاهر
إيجابية في موضوع الحضور الإعلامي.
¶ جاء في البيان
التأسيسي للدعوة والتغيير، أن خلافكم مع أبوجرة منهجي بالدرجة الأولى ثم
سياسي، ولكن المطالب التي قدمت أثناء حوارات الصلح كانت أغلبها حول توزيع
المناصب، ولم ترد مطالب منهجية أو سياسية واضحة، فلم؟
حركة الدعوة
والتغيير لا تهمها المناصب في شيء على الإطلاق، وهذا لا يعني أننا ملائكة،
ولكن يعني أننا نقدم مصلحة الدعوة على مصلحة الأفراد، ومكاسب الدعوة على
المكاسب الشخصية، ولو أراد أفرادنا، سواء في مواقع قيادية أو قاعدية،
البحث عن المناصب لبقوا في حركة الأمس، حيث إن القادمين إلينا بمختلف
أشكالهم يعلمون جيدا. أما هذه الحركة أحرص ما تكون على الابتعاد عن
المطالبة بأي منصب أو جعل المنصب مقياسا للولاء، ولذلك كنا دائما حريصين
على أن قيادة العمل تكون أكثر تورعا وابتعادا عن المناصب والتركيز
والاهتمام بتربية الأفراد ورعاية شؤون الدعوة ودعم القائمين على شؤونها
وتكوين جيل من القياديين وعدم احتكار المسؤولية الدعوية والتربوية بأي شكل
من الأشكال، لأن ذلك يبدأ كأنانية سياسية ثم يتحول إلى انحراف يجعل معه
المسؤول نفسه محور الدعوة. والأصل أننا خدام للدعوة وليست الدعوة خادمة
لنا، وأما ما يتعلق بعملية الصلح فإننا اعتقدنا من بداية الطريق بأن
المسألة لم تكن موضوعة على أسسها، وبذلك لم نتشجع لها، وأثبتت الأيام صدق
توقعاتنا، ولعل المخلصين يدركون جيدا ما آلت إليه العملية بأكملها،
ويعرفون أن الطرف الذي كان صادقا في كل المراحل هو حركة الدعوة والتغيير.
فما جاء من حوارات الصلح هي قرارات لجنة العلماء الحكماء
لإصلاح ذات البين الذين شخصوا المرض ووصفوا الدواء الشافي كعلاج جذري رأوه
من أجل إعادة الاعتبار للمؤتمر الرابع الذي كان مختل التوازن بسبب
الممارسات اللاأخلاقية واللاشرعية المنافية للوائح التنظيمية، ولم تكن
المناصب من مطالب المعارضة لا من قبل مؤسسي حركة الدعوة والتغيير، ولا من
قبل الذين التحقوا بها، ولو كانت المناصب هي غايتهم لبقوا متشبثين بحركة
حمس، فالانفصال محص الصف، وميز بين من لهم أطماع في المناصب، ومن كان
هدفهم خدمة الدعوة والمنهج.
¶ تحدثتم كما تحدث
جل قيادات «الدعوة والتغيير» عن منهجية سياسية جديدة تبعد الحركة عن عباءة
السلطة، ولكن أول مواقف كتلتكم البرلمانية كان تأييد العهدة الثالثة
للرئيس بوتفليقة، فما الفرق بينكم وبين أبوجرة، إذن؟
نحن سياستنا تقوم
على أساس أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، وموقفنا اتجاه العهدة
الثالثة هو موقف مبني على رؤية واضحة، وعلى مبادئ واضحة، ساندنا من أجلها
رئيس الجمهورية الذي نعتبره قد حقق إنجازات كبيرة في موضوع المصالحة
الوطنية والتنمية في البلاد، ولا يعني ذلك أبداً أننا لتأييدنا للعهدة
الثالثة قد فقدنا خصوصياتنا السياسية التي تقدم المجتمع على السلطة وتحرص
على التميز باستمرار. وقد نلتقي في بعض المواقف مع حركة الأمس. كما نلتقي
مع غيرها من الحركات، فمواقفنا تحكمها المبادئ، وليست ردود أفعال تخالف
غيرنا من أجل المخالفة.
¶ هل لنا أن نعرف،
السبب الحقيقي لانفصالكم عن حركة مجتمع السلم، لأن شعار الانحراف الذي
رفعتموه لتبرير الانشقاق، هي حجة قديمة تحجج بها البعض للاستقالة
والانسحاب، حتى في عهد مؤسس الحركة الراحل محفوظ نحناح؟
هناك أسباب كثيرة
تراكمت فوق بعضها البعض حتى اتسع الخرق على الراقع، ولعل أهم الأسباب هو
الانحرافات عن المنهج الذي كان يتعامل به الشيخ محفوظ نحناح والخروج عن
المشروعية التي هي مشروعية المبادئ قبل مشروعية الهياكل، فنحن ننتمي إلى
حركة هدفها الأساسي هو الدعوة التي يجب أن نخدمها بكل الوسائل
والإمكانيات، وليس أن نسخرها في خدمة الأشخاص مهما كان وضعهم. وبالتالي
فالذين خرجوا عن القيم هم الذين يمثلون الانشقاق.
¶ تم الحديث كثيرا عن
مبادرة الصلح، التي قادها عدد من القيادات البارزة في حركة «حمس»، وفي
مقدمتهم رئيس لجنة المؤسسين عبدالحميد مداود، فهل لنا أن نعرف تفاصيلها،
وأسباب إعراضكم عنها؟
مبادرة الصلح التي
تتحدث عنها جاءت خارج الوقت وبعد أن رفض الطرف الثاني وساطات علماء
ومرجعيات إسلامية وطنية ودولية، ونحن لا نريد أن نبقى نراوغ في مكاننا،
وقد عبرت حركت حمس الأيام الأخيرة عن عدم استقلالية هذه اللجنة حين قالت
بأنها تعتبرها واحدة من فروعها، وهي التي تقرر حلها أو استمرارها.
فخيوط
تحريكها بيد ممثل المكتب الوطني الذي ثبت أنه كان يقودها من وراء الستار،
ودليل ذلك سحب الثقة منه من قبل المكتب الوطني ومجلس شورى حركة حمس أخيرا
يتبع..