د. محمد بديع
ويؤكد الدكتور محمد بديع عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين أن الفقيد- رحمه الله- أعطى لنا وللأجيال القادمة نموذجًا عمليًّا جسّد شموخ وروعة سلف الحركة الإسلامية وجيله على امتداد الزمان والمكان، وأن ما رصده- رحمة الله عليه- في كتبه عن عطاء الحركه الإسلامية؛ يؤكد لجيلنا وللأجيال القادمة على امتدادها أنه ينبغى لنا ألا نتحرك في انتمائنا للفكرة الإسلامية ونحن نصطحب شعور اليُتْم والغربة، فقد أضاء لنا- رحمه- الله طريقنا بأسمى وأرقى المعاني.
وشدَّد د. بديع على أن الراحل كان مصلحًا وسط النزاعات داخل الحركة في لبنان؛ فقد أقرَّ لها أرضًا وعينًا، فصاحبها الاستقرار والأمان، وكان دوره الإصلاح داخل الحركة وخارجها، وهدفه الداعي إليه تضافر الجهود لأجل رأْب الصدع ولمِّ الشمل عبر وسطية وحيادية رائعة.
وأشار د. بديع إلى أنه تأثر تأثرًا بالغًا بكتابه "ماذا يعني انتمائي للإسلام؟" داعيًا الله عز وجل أن يرحمه رحمة واسعة، ويبدله دارًا خيرًا من داره وأهلاً خيرًا من أهله.
رفقة البنا
الصورة غير متاحة
محمد نجيب
في نفس السياق يقول محمد نجيب أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين إن الفقيد- رحمه الله- كان له دور كبير في بناء الحركة الإسلامية في لبنان، ومكتبته تعبر عن حياته ومواقفه، وتسري فيها الأصالة في جميع المجالات؛ حيث تحدَّث في منهج الإخوان المسلمين داعيًا العالم كلَّه بالحكمة والموعظة الحسنة وببسمته التي لم تفارقة قط.
وأضاف: "كان مسموع القول، متعمِّقًا بميراث الصحابة والتابعين، وملمًّا بميراث إخوانه ممن سبقوه كالإمام الشهيد حسن البنا"، مشيرًا إلى ما سمعه عنه- رحمه الله- أن أمنيته الدائمة رفقة الإمام البنا في حياته وفي الجنة.
وأوضح: "جاهد الفقيد مخلصًا يدعو في أفعاله إلى الخير، وكان إمامًا وخطيبًا عذب القول، قويَّ الحجة والبرهان، حكيم المنطق، علَّم الإخوان مفاهيم الدعوة الإسلامية، وامتدَّت شعبيته خارج لبنان، وتميَّزت كتاباته في جميع مجالات الدعوة بالقوة والصرامة في قول الحق".
وأكد نجيب أن الراحل طالب بتوحيد الصف اللبناني أمام العدو الصهيوني الغاشم، ووجَّه قلمه وصوته نحوهم، داعيًا إلى نبذ الخوف والصمت وتحرير فلسطين، إلى جانب أنه يوم فُرقة لبنان واحتكاك الشعب مع النظام؛ قام باللبنانيين مصليًا في ساحة الشهداء، وأكد لهم أن العدو الحقيقي هو الكيان الصهيوني، محذِّرًا من إراقة دماء الوطن دون ثمن.
مكتبة ثرية
الصورة غير متاحة
د. خالد فهمي
ومن جانبه يقول الدكتور خالد فهمي أستاذ علم اللغة بكلية الآداب جامعة المنوفية إن العالم الجليل فتحي يكن- رحمه الله- كان أحد أعظم المنظّرين في الفكر المعاصر؛ لاستناده على قواعد سطَّرت منه نموذجًا ناجحًا ومؤثرًا ومبهرًا كأحد رواد الحركة الإسلامية؛ منها ملاحقة المشكلات التي كانت تعرض على الحركة الإسلامية بالتحليل والمناقشة وإيجاد الحلول، ومنها أيضًا ابتكاره في التنظير لكثير من القضايا الشائكة داخل الحركة الإسلامية، ويكفي لذلك التقاط العناوين الأسطورية لبعض مؤلفاته مثل "الإيدز الحركي"، و"المتساقطون على طريق الدعوة ".
وأضاف أن الراحل تميز بإيمانه العميق عمليًّا بعالمية الحركة الإسلامية، وهو ما نلمسه في كتابه الرائع الذي ظهر فيه رافضًا لما يشوب الحركة الإسلامية على مستوى القطر العربي والإسلامي في كافة المجالات العلمية "الإنتاج الفكري لأعلام الحركة الإسلامية".
وأشار د. فهمي إلى مجموعة من العوامل الشخصية والذاتية؛ كان لها الأثر الأكبر في نبوغه على رأس قائمة الحركة الإسلامية؛ أهمها أنه عاصر شخصيات الحركة من بداية التأسيس حتى وقتنا هذا، إلى جانب عامل آخر رفع رصيده على مستوى التنظير الفكري، وهو نشأته وتربيته في بيئة لبنانية غلب عليها تعدُّد الأطياف الفكرية المتصارعة؛ "عندها تدرك حجم العطاء الفكري والحركي لهذه الشخصية اللامعة".
وأوضح أن النظر إلى قيادة الحركة الإسلامية في لبنان بخصائصها السنية الشاملة، في وقت تقف فيه على أقصى اليمين أطياف متعددة من الشيعة وعلى أقصى اليسار أطياف متعددة من نظار اليسار العربى؛ يجعلنا ندرك عبقرية فتحي يكن التنظيرية والحركية التي حافظت على استمرار مسيرة الحركة الإسلامية في لبنان، وأسهمت في تناميها وزيادة المنتمين إليها وتطورها مع الأحداث المختلفة.
وشدَّد على أنه مدين للعالِم- رحمه الله- بمقولته الهامَّة في كتابه "المتساقطون على طريق الدعوة" إن الحركة الإسلامية لا يقلِّل من قيمتها أن تعترف بالأخطاء التي تعود بالضرر على أفرادها.
أولوية الدعوة
الصورة غير متاحة
د. عبد الرحمن البر
ويؤكد الدكتور عبد الرحمن البر الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر أن الفقيد- رحمه الله- علامة بارزة في تاريخ الحركة الإسلامية.
وأضاف: عندما تتابع مكتبته الثرية تدرك أنها نتاج تعايشة لهموم الأمة والدعوة لحظةً بلحظة، لم يتوان في مناقشة المشكلات الداخلية والخارجية، وتفانى من أجل إيجاد الحلول التي تتخطى بالحركة الإسلامية إلى مواطن الأمان، مشيرًا إلى اهتمامه الدائم بالحديث إلى دعاة صف الحركة الإسلامية، والدعاة خارجها في أكثر من كتاب "قوارب النجاة في حياة الدعاة، المتساقطون على طريق الدعوة لماذا وكيف؟، مشكلات الدعوة والداعية".
وأشار إلى أن حديثه تميز بالبساطة والمنطقية اتخذ موقفًا عدائيًّا من انتهاج الفلسفة بالخطابات والمصطلحات الرنانة، وسلك مستوى القارئ والسامع؛ فصار على قدر الفهم يعرض القضايا ويناقشها، وتميز بامتلاكه الدائم مراجعة التصرفات والأفكار، وتصحيح المغلوط الشارد بالحجة والمنطق.
واستطرد د. البر قائلاً: "يجعل من يستمع إليه يقدره، ترأس الحركة الإسلامية في لبنان، وسعى بداية تربية إخوانه فعني بالأسرة محضن التربية، ومن ثمَّ الكتائب والمعايشات والمعسكرات، تواضع لإخوانه كبيرًا وصغيرًا منكرًا لذاته، اهتم بالحوار في النقاشات وكان يولي مصلحة الدعوة والأمة الإسلامية الاهتمام الأوحد، اتخذ موقفًا حادًا من المصالح الشخصية، مؤكدًا أن خلافه مع الحركة في لبنان كان خلافًا على المنهج الحركي، لم يطل منهج الحركة الإسلامي وأدبياته، وعند تفاقم الخلاف بينهم كان عفيف اللسان لم يُدن الحركة، ولم يسئ إليها، مبديًّا رأيه في أدب ووقار، ولم ينقلب على الثوابت التي آمن بها وعمل من أجلها؛ بخلاف ذوي الأغراض الشخصية الذين يتطاولون في أدنى الاختلافات على الحركة الإسلامية، وينقلبون عليها بالتشويه والتدنيس بغير المعقول.
وأضاف: لقد اهتم- رحمه الله- بقضايا الأمة، وعمل من أجلها خاصة القضية الفلسطينية، لم يكن المرض والسن عائقًا في وقوفه مع قضايا الأمة بحزم وإصرار ونصرة، كان محمر الوجه يعذر إلى الله، وأكد في كثير من كتاباته أن من علامات صلاح القلب والقالب الغضب لانتهاك حرمات الله ومقدساته، والجهاد من أجل الثأر والنيل من الباطل، وتابع: قدَّم- رحمه الله- صورةً نموذجيةً عملية لأبناء الحركة الإسلامية.