لداعية الكبير الدكتور فتحي يكن رئيس جبهة العمل الإسلامي بلبنان سابقًا، صاحب المسيرة الطويلة مع الدعوة الإسلامية، بدأها منذ خمسينيات القرن الماضي ولم تنتهِ إلا بوفاته منذ يومين.
وُلد الفقيد في 9 فبراير 1933م في طرابلس بلبنان، وهو متزوجٌ وله أربع بنات وولد، وحائزٌ على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية واللغة العربية.
انخرط في العمل الإسلامي في لبنان منذ الخمسينيات؛ حيث انضمَّ إلى الجماعة الإسلامية في لبنان (الإخوان المسلمين)، وتدرَّج في المناصب داخل الجماعة الإسلامية حتى وصل إلى منصب أمين عام الجماعة، وظلَّ مسئولاً عن أمانة الجماعة الإسلامية حتى نجاحه في الانتخابات النيابية عام 1992م؛ حيث قدَّم استقالته.
وكانت من أشهر مبادراته السياسية تلك التي أطلقها للخروج من أزمة السلطة القائمة بين الحكومة اللبنانية السابقة برئاسة فؤاد السنيورة وحلفائها وبين المعارضة بقيادة حسن نصرالله، وميشال عون، ونبيه بري، وأمَّ المصلين وخطب الجمعة في أكبر تجمع للمعارضة يوم الجمعة 8 ديسمبر 2006م.
وأصدر عدة مؤلفات، تُرجم معظمها إلى عدد من لغات العالم، وتزيد على 35 مؤلَّفًا ومن أبرزها: (مشكلات الدعوة والداعية، كيف ندعو إلى الإسلام؟!، نحو حركة إسلامية عالمية واحدة، الموسوعة الحركية، ماذا يعني انتمائي للإسلام؟!، حركات ومذاهب في ميزان الإسلام، الاستيعاب في حياة الدعوة والدعاة، نحو صحوة إسلامية في مستوى العصر، المناهج التغييرية الإسلامية خلال القرن العشرين، الإسلام فكرة وحركة وانقلاب، الشباب والتغيير، المتساقطون على طريق الدعوة، أبجديات التصور الحركي للعمل الإسلامي، قطوف شائكة من حقل التجارب الإسلامية).
فلسطين في دمه
الصورة غير متاحة
الشيخ محمد عبد الله الخطيب
بدايةً يقول الدكتور عبد الله الخطيب عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين إن الراحل كان عالمًا من علماء الإسلام، هذَّب نفسه وأدَّبها، وأكرهها على الفضائل، مهما ثقلت عليه، فصار عالمًا يعلِّم الأمة الحق أينما وُجد، وشغل نفسه بالدعوه، فصار داعيًا لاصول الفكرة الإسلامية، وحمل مشاقَّ الدعوة فوق ظهره ليتخطَّى بها الصعاب والعراقيل، فكانت بفضل الله شديدة الصلابة، مضيفًا أنه كان يبهر الأسماع بطيب قوله الحكيم الذي تتعالى فيه أحاسيسه ومشاعره عن آفات الدنيا.
وتابع: "كان كاتبًا فَقِه فنَّ كتابة الإسلام المقنِع المنطقي الفعَّال، وباعد بينه وبين التطوُّح والتمايل والخطابات والكلام المعسول الرنَّان، وتمسَّك بالجدية في كل شئونه، وعمل بسلوك أصحاب العزائم، فوهب نفسه لهذه الدعوة، وسهر ليله، وأتعب مضجعه، يحمل همَّها، ويفكر في علاج أزماتها وصعابها"، مضيفًا أن مكتبته تميزت بالشمول في جميع مناحي الفكر الإسلامي.
وأكد الخطيب أنه- رحمه الله- كان من نسيج خاص تربَّى ونشأ على القوة في الحق، وحرص الجميع على رفقته وصحبته لبشاشته الدائمة وتواضعه الجمّ، مضيفًا أنه وضع القضية الفلسطينية في أهم أولوياته، ولم يتوانَ في الدفاع عنها.
وتابع: "رأيته منذ عشر سنوات في مكتب الإرشاد- قُبَيل حصار الحكومة لقياداتنا من الإخوان المسلمين في الداخل والخارج من التحرك ومنعهم من السفر- فشهدته وقد تمكَّن منه المرض؛ لكن نفسيته كانت تقاوم، وهمَّته أبهرتنى، فقد كادت عزيمته أن تناطح السحاب في تبليغ رسالته".
وطالب د. الخطيب أفراد الصف الإسلامي بالتأسي بوفائه وإخلاصه، وأن يسترجعوا كتبه ومؤلفاته؛ ليدركوا كيف كانت حياته هو ومن سبقوه من الرجال، لينهلوا من علمهم وميراثهم الذي حوَّلوه إلى واقع من الالتزام السلوكي والأخلاقي.
تاجر النوايا
الصورة غير متاحة
جمعة أمين
ويقول الأستاذ جمعة أمين عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين إن الدكتور يكن كان أحد الدعاة القلائل المسئولين الأمناء على الدعوة الإسلامية في وطنه، وواجه الطائفية المنتشرة في بلاده بالحكمه والمنطق، وربّى إخوانه على السلوك القويم والأخوَّة والإيثار.
وأضاف: "مَن يواكب كتبه يقع على حصيلة من المفاهيم الخاصة التي لا يستطيع تطبيقها إلا قلةٌ من أصحاب العزائم القوية؛ فقد اتسمت حياته بالزهد والرقة، وسمعت عنه أنه كان من تجَّار النوايا، وحياته كلها جهاد لا يُقدِم على الأعمال إلا بالإخلاص المتناهي الحدّ والصدق الذى يذرف دمعه كالنهر".
وأكد أن مكتبة يكن الدعوية تشهد بتاريخه في تناول المنهج الحركي للإخوان المسلمين وأساسياته وضوابطه؛ في أسلوب بليغ ومنطق فريد لا ينازعه فيه أحد.