ما هي علامات الانتماء الصادق؟ وماذا يعنى انتمائي لدعوتي؟
أولاً: أن أكون ملماً بالظروف التي نشأت فيها دعوتي:في فترة عصيبة مرت على الأمة الإسلامية كانت تعيش فيها الأمة تحين نير الاحتلال والاضطهاد, كانت دول الغرب تعيش في جو من التقدم والتطور والازدهار في كل المجالات, تلك الحالة التي مرت على الأمة من الضياع والجهل متزامنا ذلك مع الرقي في دول الغرب الكافر, جعل ضعفاء النفوس من المسلمين يتطلعون للاقتداء بالغرب, تزامن ذلك مع تفتح قوى الغرب لضرب المسلمين وتشريدهم فما كان إلا أن أدخلوا عاداتهم وتقاليدهم إلى بلاد المسلمين, إلى جانب نشاط الحملات التبشيرية ضد المسلمين, تلك الأحداث وغيرها جعلت العالم الإسلامي يعيش في ذيل القافلة بعد أن كان قائدا لها على مدى ألاف السنين
كانت تلك الأحداث وغيرها سبباً في انتفاضة جذوة الغيرة على الإسلام في قلب الإمام البنا الذي كان منذ صغره مهموماً بواقع أمته, والذي دعاه ذلك الواقع إلى إنشاء الكثير من الجمعيات التي تحارب المنكر وتدعو إلى الفضيلة والأخلاق
وسط هذه العواطف الجياشة, والحماسة الملتهبة في قلب الإمام الشهيد, والحب الشديد للإسلام, الغيرة عليه, كان لا بد من بداية العمل, والبدء في خطوات عملية تكون بداية الانطلاق,وكان المسجد هو المكان الطبيعي الذي يجب أن يتجه إليه كل مسلم وضع نفسه في هذه المكانة. فلم يتردد الإمام الشهيد الذي بدأ يتحرك في اتجاه المقاهي والزوايا الصغيرة والذي أدى في النهاية إلى تأثر الكثير من أحاطوا به وسمعوه على المقاهي.
وسط هذه الحالة المظلمة, وتلك الأجواء غير المستقرة, نشأت الدعوة وتأسست, وكانت الدعوة السلفية والطرق الصوفية هما المتصدرين للعمل الإسلامي في ذلك الوقت, وكانت الخصومة محتدة بينهما..
حتى جاءت دعوة الإخوان المسلمين والتي تدعو إلى شمول الإسلام على كل شيء.
يقول الإمام الشهيد رحمه الله
لهذا وفقت نفسي ونشأت على غاية واحدة هي إرشاد الناس إلى الإسلام حقيقة وعملاً, ولهذا كانت فكرة الإخوان المسلمين إسلامية بحتة في غايتها وفي رسائلها لا تتصل بغير الإسلام في شئ
ثانياً: أن التعرف على أي عقيدة تنبني دعوتي!!!تختلف الدعوات وتتعالى الصيحات, ولكل منها عقيدة تقوم عليها, وركائز تستند إليها, هذه العقيدة هي التي تحركها وتحدد أهدافها ومبادئها, ولقد اختار الإمام البنا عقيده الإسلام الذي ارتضاه الله للمسلمين ديناً ليقيم عليها دعوته, ويجدد من خلالها أهدافه, ويضع على أساسها وسائله.
والفكر الإخواني الذي أسسه الإمام الشهيد حسن البنا فكر إسلامي مستنير يرتكز على الإسلام, ومنه يستمد عقيدته, وله يجاهد الإخوان, وفي سبيل إعلاء كلمته يعملون, ولعزته يجاهدون, ولا يعدلون غيره نظاماً ولا يرضون سواه إماماً ولا يطيعون لغيره أحكاماً.
الإمام البنا وكيف تعامل مع العقيدة:
إننا حقاً لا نبالغ إذا قلنا إن الإمام البنا عانى كثيراً في توضيح فكرته الإسلامية ومحاولاته العديدة لإقناع المسلمين أنفسهم بصلاح الإسلام كمنهج لقيادة ـ ليس المسلمين فحسب ـ بل لقيادة العالم بأسره, ولعل هذا ما دفعه للتحدث عن الحلول الفعالة لدى المنهج الإسلامي لمشاكل المسلمين.
فالقرآن تحدث عن المؤمنين ولم يتعمق في التعريفات النظرية للإيمان, فمثلا قال تعال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً}.فالله سبحانه وتعالى يريد أن يعلمنا أن الإيمان ذلك الشيء العظيم لا ينبغي له أن يتوقف عند مجرد تعريفات نظرية تحفظ وتدرس للناس وتحشى بها عقولهم ليس لها حظ أو نصيب من العمل أو التطبيق على أرض الواقع, ولهذا كان الحديث عن المؤمنين في القرآن وليس الإيمان.
ركائز الإمام البنا:. العودة بالمسلمين إلى المصدرين الرئيسيين في التلقي وهما القرآن والسنة
التأكيد على النظرية الشمولية للإسلام, والتي تدعو لعدم تضخيم جزء منه على حساب آخر.
يقول رحمه الله: إن الإخوان يهتفون بدعوة, ويؤمنون بمنهاج, ويناصرون عقيدة, ويعملون في سبيل إرشاد الناس إلى نظام اجتماعي يتناول شئون الحياة جميعاً اسمه الإسلام.
الإعلان الدائم للآخرين بأن الإسلام كنظام شامل لكل نواحي الحياة يملك حلولاً لمشاكل البشرية, صعبت تلك المشاكل أم سهلت, كثرت أم قلت, وبهذا كان يرد الناس إلى دينهم.
وفي ذلك يقول الإمام البنا: لقد آمنا إيمانا لا جدال فيه, ولا شك معه, واعتقدنا عقيدة أثبت من الرواسي وأعمق من خفايا الضمائر بأنه ليس هناك إلا فكرة واحدة هي التي تنقذ الدنيا المعذبة وترشد الإنسانية الحائرة وتعدى الناس سواء السبيل. جهاد الدعوة من أجل العقيدة:. اعتمد الإمام البنا في إقامة دعوته على أساس العقيدة السليمة, التي جعل سلامتها من الأشياء الأساسية عند المنتمى إلى الدعوة وجعلها في مقدمة صفات عشر يؤمن بها أبناء دعوته
فاشترط أن يكون سليم العقيدة صحيح العبادة.
ولأن ميدان القول غير ميدان العمل, فلقد حرصت الدعوة على ترسيخ معاني العقيدة في نفوس أتباعها, ومحاربة كل ما يخالفها, وحرصت أيضاً أن يكون ذلك عملياً لا نظرياً, وتلك بعض من الأصول والقواعد التي دعت إليها الدعوة:
دعوتنا دعوة التوحيد, والمعروفة الحقة بالله تعالى, فهي تدعو إلى عدم الانحراف عن أصول العقيدة الصحيحة.
دعوتنا تؤكد أن القرآن والسنة هما المصدران الرئيسيان للتلقي للمسلمين.
دعوتنا ترفض الدجل, والشعوذة, وادعاء معرفة الغيب, مما يخالف العقيدة, ويزعزعها.
دعوتنا تحارب البدع وتعمل على إزالتها.
دعوتنا تحب الصالحين وتثنى عليهم, وتشهد لهم بالكرامة بشرائطها الشرعية.
دعوتنا تؤمن بالإسلام كمنهج حياة, وترضى به حكماً لها في كل شئونها ولا ترضى بغيره قائداً,
دعوتنا تجعل العقيدة أساس العمل ومنطلقه, وتقدم عمل القلب على عمل الجارحة
ثالثاً: أن أكون مقتنعا بالغاية والهدف والوسيلة من دعوتي:
إن الإعجاب بالدعوة والانبهار بها لا يكفى لأن يصبح انتماء الفرد إليها انتماء حقيقاً إيجابياً, فلا يعقل أبداً أن ينتمي فرد ما إلى دعوة ـ أي دعوة ـ دون أن يعلم غاية هذه الدعوة وأهدافها ووسائلها…
ولذلك فإن أول شيء يجب أن يفعله صاحب هذه الدعوة أن يدرسها؛ فيتعرف على غاية دعوته, فإذا عرفت الغاية من الدعوة. لا بد من النظر في أهدافها ووسائلها وخطواتها, فإذا تم الاقتناع بالغاية والهدف والوسيلة فلا بد من العمل الجاد المتواصل.. للوصول إلى الغاية المنشودة.
ولقد نجح الأعداء في مخططهم بإسقاطهم الخلافة الإسلامية ـ رمز الوحدة عند المسلمين ـ وتمزيق دولة الخلافة إلى دويلات متنازعة متفرقة لا تسمع لها صوتاً إلا في سب بعضهم بعضاً… ولا ترى لشجاعتهم وقوتهم مكاناً إلا في محاربتهم بعضهم البعض.
أهداف فردية خاصة:.
وهناك أهداف تخص كل فرد على حدة يجب أن يسعى إلى الوصول إليها وتحقيقها في نفسه والعمل على تأصيلها بداخله, وأول هذه الأهداف: إصلاح نفسه حتى يكون قوى الجسم, متين الخلف, مثقف الكفر, قادراً على الكسب, سليم العقيدة, صحيح العبادة, مجاهداً لنفسه, حريصاً على وقته, منظماً في شئونه, نافعاً لغيره, وذلك واجب كل أخ على حدة.
وثاني تلك الأهداف: البيت المسلم والأسرة المسلمة الملتزمة.
وثالث تلك الأهداف: إقامة المجتمع المسلم المترابط, الذي يحب بعضه بعضاً, ويؤثر بعضه بعض
اً.
أهداف جماعية عامة:.
وحتى يتضح الطريق وتظهر معالمه أمام سالكيه كان حرص الإمام الشهيد على توضح أهداف الدعوة العامة التي يود الوصول إليها؛ حتى يكون المنتمي إلى الدعوة على بينة من أمره, فهو يسير في أهدافه الفردية الخاصة وعينه على الأهداف العامة التي تنشدها دعوته.
أهمية وضوح الهدف عند الإمام حسن البنا:.
ولوضوح الهدف لدى المنتمى إلى الدعوة دور كبير في تحقيقه والوصول إليه, وهذا ما كان يؤكد عليه الإمام البنا رحمه الله في كل أحاديثه واجتماعاته, فلا يكاد يخلو حديث من أحاديثه, أو رسالة من رسائله دون أن يعرج على تلك الأهداف, لأنه لا معنى لحركة أو دعوة تمشى وتسير دون خطة معلومة ومدروسة نحو أهدافها الموضوعة والمعلومة لدى الجميع, حتى لا تسير نحو أهداف مجهولة غامضة, بل لا بد دائماً من التأكيد على: ماذا نريد؟ وإلى أين المسير؟