بيوت الطين في غزة بديل الإعمار
مع تبخر الوعود بالبناء والإعمار، فإن المواطن الغزّي اضطر، ومع ضغط الظروف المعيشية القاسية، ودخول فصل الشتاء، إلى بناء منزله المدمر بما توفر من مواد محلية، في ظل منع إسرائيل دخول مواد البناء من حديد وإسمنت وغيره.
وكان البديل لدى المواطن هذه المرة عوضا عن الخيام التي أقام فيها لمدة عام، تشييد بيوت الطين، والتي يحتاج تجهيزها إلى عمل شاق، حيث يقول المواطن محمد عبد ربه من ''عزبة عبد ربه'' في منطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، التي دمرها الاحتلال عن آخرها، أنه بعد تجهيز الطين تسكب في قوالب على شكل الحجر ثم تترك لثلاثة أيام كي تجف ثم يشرع البناءون باستخدامها في بناء المنزل.
ويروي محمد الذي كان يملك منزلا كبيرا أقيم على مساحة 250 متر، وتعرض للقصف والتدمير أثناء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة قبل عام، وهو ما تركه وأسرته مهجرين ينتقلون من منزل إلى آخر، قبل أن يقطن في خيمة لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء.
وقال عبد ربه إنه اضطر لبناء منزله من الطين، بعد أن اصطدم بمنع إسرائيل إدخال الإسمنت والحديد ومواد البناء الأخرى بحجة أن الفصائل الفلسطينية تستخدمها في بناء الأنفاق وصناعة الصواريخ، وقال إن ظاهرة البناء بالطين حديثة العهد في غزة، لكنها تعيدنا إلى أزمان غابرة، كان فيها المواطن الفقير مضطرا لبناء بيته من الطين، مشيرا إلى أنه وحتى اللحظة لا تزال هذه البيوت قليلة التكاليف بسبب توافر الطين في قطاع غزة. وأضاف عبد ربه. مخففا على نفسه- إن من ميزات البناء بالطين أنه دافئ شتاء بارد صيفا، رغم تأكيد زوجته أن الوقاية من برد الشتاء وحر الصيف لم تكن السبب الرئيسي وراء بناء منزلهم من الطين، في انتظار ''فرج رب العالمين'' كما قالت.
المحاولات التي بدأت فردية، وبمبادرة من المواطنين الذين دمرت منازلهم، لقيت إعجاب المسؤولين في وزارة الأشغال والإسكان في الحكومة الفلسطينية المقالة. في قطاع غزة، وحتى وكالة الأونروا، فوزير الأشغال في حكومة غزة، المهندس يوسف المنسي اعتبر أن البناء بالطين يعتبر ردا طبيعيا على استمرار الحصار على القطاع. وقد كشف أن وزارته ستشرع قريبا بتنفيذ مشاريع بناء تجريبية من الطين ومن مخلفات المباني التي تعرضت للقصف الإسرائيلي. وقال المنسي إن وزارته في غزة رصدت مليون دولار لبدء المشروع التجريبي. وبالفعل فقد دشنت خلال الفترة الماضية مركزين للشرطة في منطقة شمال قطاع غزة، حيث إن إسرائيل دمرت في غاراتها جميع مراكز الشرطة في المنطقة.
وحتى وكالة (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة، لم تستطع كسر الحصار الإسرائيلي، لإدخال مواد البناء، وبناء مدارس ومنازل اللاجئين الفلسطينيين الذين ترعاهم في قطاع غزة، الذين يمثلون 70% من عدد سكانه، فاضطرت هي الأخرى إلى بناء بعض ما تدمر بالطين، وقد قام مدير الوكالة في غزة الإرلندي جون جينغ، بتدشين أول مدرسة تتكون من عدة فصول، بنيت بالطين على طراز جميل، في مخيم جباليا للاجئين بشمال القطاع.